[٢٦٩] ، (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).
والبالغة : الواصلة ، أي واصلة إلى المقصود مفيدة لصاحبها.
وفرع عليه قوله : (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) ، أي جاءهم ما فيه مزدجر فلم يغن ذلك ، أي لم يحصل فيه الإقلاع عن ضلالهم.
و (ما) تحتمل النفي ، أي لا تغني عنهم النذر بعد ذلك. وهذا تمهيد لقوله : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) [القمر : ٦] ، فالمضارع للحال والاستقبال ، أي ما هي مغنية ، ويفيد بالفحوى أن تلك الأنباء لم تغن عنهم فيما مضى بطريق الأحرى ، لأنه إذا كان ما جاءهم من الأنباء لا يغني عنهم من الانزجار شيئا في الحال والاستقبال فهو لم يغن عنهم فيما مضى إذ لو أغنى عنهم لارتفع اللوم عليهم.
ويحتمل أن تكون ما استفهامية للإنكار ، أي ما ذا تفيد النذر في أمثالهم المكابرين المصرين ، أي لا غناء لهم في تلك الأنباء ، فما على هذا في محل نصب على المفعول المطلق ل (تُغْنِ) ، وحذف ما أضيفت إليه ما. والتقدير : فأي غناء تغني النذر وهو المخبر بما يسوء ، فإن الأنباء تتضمن إرسال الرسل من الله منذرين لقومهم فما أغنوهم ولم ينتفعوا بهم ولأن الأنباء فيها الموعظة والتحذير من مثل صنيعهم فيكون المراد ب (النُّذُرُ) آيات القرآن ، جعلت كل آية كالنذير : وجمعت على نذر ، ويجوز أن يكون جمع نذير بمعنى الإنذار اسم مصدر ، وتقدم عند قوله تعالى : (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) في آخر سورة النجم [٥٦].
[٦ ـ ٨] (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ(٨))
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ).
__________________
وخامسها ، تشبيههم بالجراد المنتشر في الاكتظاظ واستتار بعضهم ببعض من شدة الخوف زيادة على ما يفيده التشبيه من الكثرة والتحرك