وأفئدتهم فصاروا جثثا فرغا. وهذا تفظيع لحالهم ومثلة لهم لتخويف من يراهم.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١))
تكرير لنظيره السابق عقب قصة قوم نوح لأن مقام التهويل والتهديد يقتضي تكرير ما يفيدهما. و (كيف) هنا استفهام على حالة العذاب ، وهي الحالة الموصوفة في قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) إلى (مُنْقَعِرٍ) [القمر : ١٩ ، ٢٠] ، والاستفهام مستعمل في التعجيب.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢))
تكرير لنظيره السابق في خبر قوم نوح.
[٢٣ ـ ٢٥] (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥))
القول في موقع جملة (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) كالقول في موقع جملة (كَذَّبَتْ عادٌ) [القمر : ١٨]. وكذلك القول في إسناد حكم التكذيب إلى ثمود وهو اسم القبيلة معتبر فيه الغالب الكثير. فإن صالحا قد آمن به نفر قليل كما حكاه الله عنهم في سورة الأعراف.
وثمود : ممنوع من الصرف باعتبار العلمية والتأنيث المعنوي ، أي على تأويل الاسم بالقبيلة.
والنذر : جمع نذير الذي هو اسم مصدر أنذر ، أي كذبوا بالإنذارات التي أنذرهم الله بها على لسان رسوله. وليس النذر هنا بصالح لحمله على جمع النذير بمعنى المنذر لأن فعل التكذيب إذا تعدى إلى الشخص المنسوب إلى الكذب تعدى إلى اسمه بدون حرف قال تعالى : (فَكَذَّبُوا رُسُلِي) [سبأ : ٤٥] وقال : (لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) [الفرقان : ٣٧] وقال : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) [الحج : ٤٢] ، وإذا تعدى إلى الكلام المكذّب تعدى إليه بالباء قال : (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) [الأنعام : ٥٧] وقال : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ) [الأنعام : ٦٦] وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) [الأعراف : ٤٠] وقال : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) [آل عمران : ١١]. وهذا بخلاف قوله : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ) في سورة الشعراء [١٤١].
والمعنى : أنهم كذبوا إنذارات رسولهم ، أي جحدوها ثم كذبوا رسولهم ، فلذلك