وأنت بشر واحد منا.
و (إذن) حرف جواب هي رابطة الجملة بالتي قبلها. والضلال : عدم الاهتداء إلى الطريق ، أرادوا : إنا إذن مخطئون في أمرنا.
والسعر : الجنون ، يقال بضم العين وسكونها.
وفسر ابن عباس السعر بالعذاب على أنه جمع سعير. وجملة (أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) تعليل للاستفهام الإنكاري.
و (أُلْقِيَ) حقيقته : رمي من اليد إلى الأرض وهو هنا مستعار لإنزال الذكر من السماء قال تعالى : (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) [المزمل : ٥].
و (في) للظرفية المجازية ، جعلوا تلبسهم بالضلال والجنون كتلبس المظروف بالظرف.
و (مِنْ بَيْنِنا) حال من ضمير (عَلَيْهِ) ، أي كيف يلقى عليه الذكر دوننا ، يريدون أن فيهم من هو أحق منه بأن يوحى إليه حسب مدارك عقول الجهلة الذين يقيسون الأمور بمقاييس قصور أفهامهم ويحسبون أن أسباب الأثرة في العادات هي أسبابها في الحقائق.
وحرف (مِنْ) في قوله : (مِنْ بَيْنِنا) بمعنى الفصل كما سماه ابن مالك وإن أباه ابن هشام أي مفصولا من بيننا كقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة: ٢٢٠].
و (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) إضراب عن ما أنكروه بقولهم : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) أي لم ينزل الذكر عليه من بيننا بل هو كذّاب فيما ادعاه ، بطر متكبر.
و (الأشر) بكسر الشين وتخفيف الراء : اسم فاعل أشر ، إذا فرح وبطر ، والمعنى : هو معجب بنفسه مدّع ما ليس فيه.
(سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦))
مقول قول محذوف دل عليه السياق تقديره : قلنا لنذيرهم الذي دل عليه قوله : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ) [القمر : ٢٣] فإن النذر تقتضي نذيرا بها وهو المناسب لقوله بعده (فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ) [القمر : ٢٧] وذلك مبني على أن قوله آنفا : (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) [القمر : ٢٥] كلام أجابوا به نذارة صالح إيّاهم المقدرة من قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ