تقتضي تعدد الفاعل ، شبه تخوف القوم من قتلها لما أنذرهم به رسولهم من الوعيد وتردّدهم في الإقدام على قتلها بالمعاطاة فكل واحد حين يحجم عن مباشرة ذلك ويشير بغيره كأنه يعطي ما بيده إلى يد غيره حتى أخذه قدار.
وعطف (فَعَقَرَ) بالفاء للدلالة على سرعة إتيانه ما دعوه لأجله.
والعقر : أصله ضرب البعير بالسيف على عراقيبه ليسقط إلى الأرض جاثيا فيتمكن الناحر من نحره. قال أبو طالب :
ضروب بنصل السيف سوق سمائها |
|
إذا عدموا زادا فإنك عاقر |
وغلب إطلاقه على قتل البعير كما هنا إذ ليس المراد أنه عقرها بل قتلها بنبله.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠))
القول فيه كالقول في نظيره الواقع في قصة قوم نوح فليس هو تكريرا ولكنه خاص بهذه القصة.
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١))
جواب قوله : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) [القمر : ٣٠] فهو مثل موقع قوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً) [القمر : ١٩] في قصة عاد كما تقدم.
والصيحة : الصاعقة وهي المعبر عنها بالطاغية في سورة الحاقة ، وفي سورة الأعراف بالرجفة ، وهي صاعقة عظيمة خارقة للعادة أهلكتهم ، ولذلك وصفت ب (واحِدَةً) للدلالة على أنها خارقة للعادة إذ أتت على قبيلة كاملة وهم أصحاب الحجر.
و (فَكانُوا) بمعنى : صاروا ، وتجيء (كان) بمعنى (صار) حين يراد بها كون متجدد لم يكن من قبل.
والهشيم : ما يبس وجفّ من الكلأ ومن الشجر ، وهو مشتق من الهشم وهو الكسر لأن اليابس من ذلك يصير سريع الانكسار. والمراد هنا شيء خاص منه وهو ما جفّ من أغصان العضاة والشوك وعظيم الكلأ كانوا يتخذون منه حظائر لحفظ أغنامهم من الريح والعادية ولذلك أضيف الهشيم إلى المحتظر. وهو بكسر الظاء المعجمة : الذي يعمل الحظيرة ويبنيها ، وذلك بأنه يجمع الهشيم ويلقيه على الأرض ليرصفه بعد ذلك سياجا