وكذلك جملة (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) ، وجملة (كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ).
والحاصب : الريح التي تحصب ، أي ترمي بالحصباء ترفعها من الأرض لقوتها ، وتقدم في قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) في سورة العنكبوت [٤٠].
والاستثناء حقيقي لأن آل لوط من جملة قومه.
و (آلَ لُوطٍ) : قرابته وهم بناته ، ولوط داخل بدلالة الفحوى. وقد ذكر في آيات أخرى أن زوجة لوط لم ينجها الله ولم يذكر ذلك هنا اكتفاء بمواقع ذكره وتنبيها على أن من لا يؤمن بالرسول لا يعد من آله ، كما قال : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) [هود : ٤٦].
وذكر (بِسَحَرٍ) ، أي في وقت السحر للإشارة إلى إنجائهم قبيل حلول العذاب بقومهم لقوله بعده : (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ).
وانتصب (نِعْمَةً) على الحال من ضمير المتكلم ، أي إنعاما منا.
وجملة (كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) معترضة ، وهي استئناف بياني عن جملة (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) باعتبار ما معها من الحال ، أي إنعاما لأجل أنه شكر ، ففيه إيماء بأن إهلاك غيرهم لأنهم كفروا ، وهذا تعريض بإنذار المشركين وبشارة للمؤمنين.
وفي قوله : (مِنْ عِنْدِنا) تنويه بشأن هذه النعمة لأن ظرف (عند) يدل على الادخار والاستئثار مثل (لدن) في قوله : (مِنْ لَدُنَّا). فذلك أبلغ من أن يقال : نعمة منا أو أنعمنا.
(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦))
عطف على جملة (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً) [القمر : ٣٤].
وتأكيد الكلام بلام القسم وحرف التحقيق يقصد منه تأكيد الغرض الذي سيقت القصة لأجله وهو موعظة قريش الذين أنذرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتماروا بالنذر.
والبطشة : المرّة من البطش ، وهو الأخذ بعنف لعقاب ونحوه ، وتقدم في قوله : (أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) في آخر الأعراف [١٩٥] ، وهي هنا تمثيل للإهلاك السريع مثل قوله : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) في سورة الدخان [١٦].
والتماري : تفاعل من المراء وهو الشك. وصيغة المفاعلة للمبالغة. وضمن