(فَتَمارَوْا) معنى : كذبوا ، فعدي بالباء ، وتقدم عند قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) في سورة النجم [٥٥].
(وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٧))
إجمال لما ذكر في غير هذه السورة في قصة قوم لوط أنه نزل به ضيف فرام قومه الفاحشة بهم وعجز لوط عن دفع قومه إذ اقتحموا بيته وأنّ الله أعمى أعينهم فلم يروا كيف يدخلون.
والمراودة : محاولة رضى الكاره شيئا بقبول ما كرهه ، وهي مفاعلة من راد يرود رودا ، إذا ذهب ورجع في أمر ، مثّلت هيئة من يكرر المراجعة والمحاولة بهيئة المنصرف ثم الراجع. وضمن (راوَدُوهُ) معنى دفعوه وصرفوه فعدّي ب (عَنْ).
وأسند المراودة إلى ضمير قوم لوط وإن كان المراودون نفرا منهم لأن ما راودوا عليه هو راد جميع القوم بقطع النظر عن تعيين من يفعله.
ويتعلق قوله : (عَنْ ضَيْفِهِ) بفعل (راوَدُوهُ) بتقدير مضاف ، أي عن تمكينهم من ضيوفه.
وقوله : (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) مقول قول محذوف دل عليه سياق الكلام للنفر الذين طمسنا أعينهم (فَذُوقُوا عَذابِي) وهو العمى ، أي ألقى الله في نفوسهم أنّ ذلك عقاب لهم.
واستعمل الذوق في الإحساس بالعذاب مجازا مرسلا بعلاقة التقييد في الإحساس.
وعطف النذر على العذاب باعتبار أن العذاب تصديق للنذر ، أي ذوقوا مصداق نذري ، وتعدية فعل (فَذُوقُوا) إلى نذري بتقدير مضاف ، أي وآثار نذري.
والقول في تأكيده بلام القسم تقدم ، وحذفت ياء المتكلم من قوله : (وَنُذُرِ) تخفيفا.
(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨))
القول في تأكيده بلام القسم تقدم آنفا في نظيره.
والبكرة : أول النهار وهو وقت الصبح ، وقد جاء في الآية الأخرى قوله : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) [هود : ٨١] ، فذكر (بُكْرَةً) للدلالة على تعجيل العذاب لهم.