معروف للمخاطبين من أخذ الملوك والجبابرة.
والعزيز : الذي لا يغلب. والمقتدر : الذي لا يعجز.
وأريد بذلك أنه أخذ لم يبق على العدوّ أيّ إبقاء بحيث قطع دابر فرعون وآله.
(أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣))
هذه الجملة كالنتيجة لحاصل القصص عن الأمم التي كذبت الرسل من قوم نوح فمن ذكر بعدهم ولذلك فصلت ولم تعطف.
وقد غير أسلوب الكلام من كونه موجّها للرسول صلىاللهعليهوسلم إلى توجيهه للمشركين لينتقل عن التعريض إلى التصريح اعتناء بمقام الإنذار والإبلاغ.
والاستفهام في قوله : (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ) يجوز أن يكون على حقيقته ، ويكون من المحسن البديعي الذي سماه السكاكي «سوق المعلوم مساق غيره». وسماه أهل الأدب من قبله ب «تجاهل العارف». وعدل السكاكي عن تلك التسمية وقال لوقوعه في كلام الله تعالى نحو قوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٢٤] وهو هنا للتوبيخ كما في قول ليلى ابنة طريف الخارجية ترثي أخاها الوليد بن طريف الشيباني :
أبا شجر الخابور ما لك مورقا |
|
كأنّك لم تجزع على ابن طريف |
الشاهد في قولها : كأنك لم تجزع إلخ.
والتوبيخ عن تخطئتهم في عدم العذاب الذي حلّ بأمثالهم حتى كأنهم يحسبون كفّارهم خيرا من الكفّار الماضين المتحدّث عن قصصهم ، أي ليس لهم خاصية تربأ بهم عن أن يلحقهم ما لحق الكفار الماضين. والمعنى : أنكم في عدم اكتراثكم بالموعظة بأحوال المكذبين السابقين لا تخلون عن أن أحد الأمرين الذي طمأنكم من أن يصيبكم مثل ما أصابهم.
و (أَمْ) للإضراب الانتقالي. وما يقدر بعدها من استفهام مستعمل في الإنكار. والتقدير : بل ما لكم براءة في الزبر حتى تكونوا آمنين من العقاب.
وضمير (كُفَّارُكُمْ) لأهل مكة وهم أنفسهم الكفار ، فإضافة لفظ (كفار) إلى ضميرهم إضافة بيانية لأن المضاف صنف من جنس من أضيف هو إليه فهو على تقدير (مِنْ)