البيانية. والمعنى : الكفار منكم خير من الكفار السالفين ، أي أأنتم الكفار خير من أولئك الكفار.
والمراد بالأخيرية انتفاء الكفر ، أي خير عند الله الانتقام الإلهي وادعاء فارق بينهم وبين أولئك.
والبراءة : الخلاص والسلامة مما يضرّ أو يشقّ أو يكلّف كلفة. والمراد هنا : الخلاص من المؤاخذة والمعاقبة.
و (الزُّبُرِ) : جمع زبور ، وهو الكتاب ، وزبور بمعنى مزبور ، أي براءة كتبت في كتب الله السالفة.
والمعنى : ألكم براءة في الزبر أن كفاركم لا ينالهم العقاب الذي نال أمثالهم من الأمم السالفة.
و (فِي الزُّبُرِ) صفة (بَراءَةٌ) ، أي كائنة في الزبر ، أي مكتوبة في صحائف الكتب.
وأفاد هذا الكلام ترديد النجاة من العذاب بين الأمرين : إما الاتصاف بالخير الإلهي المشار إليه بقوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : ١٣] ، وإما المسامحة والعفو عما يقترفه المرء من السيئات المشار إليه بقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لعل الله أطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم».
والمعنى انتفاء كلا الأمرين عن المخاطبين فلا مأمن لهم من حلول العذاب بهم كما حلّ بأمثالهم.
والآية تؤذن بارتقاب عذاب ينال المشركين في الدنيا دون العذاب الأكبر ، وذلك عذاب الجوع الذي في قوله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) [الدخان : ١٠] كما تقدم ، وعذاب السيف يوم بدر الذي في قوله تعالى : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) [الدخان : ١٦].
[٤٤ ، ٤٥] (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥))
(أَمْ) منقطعة لإضراب انتقالي. والاستفهام المقدر بعد (أم) مستعمل في التوبيخ ، فإن كانوا قد صرحوا بذلك فظاهر ، وإن كانوا لم يصرحوا به فهو إنباء بأنهم سيقولونه.