الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) [القصص : ٤٢] فلا يناسب أن يكون الضلال ضد الهدى.
ويجوز أن يكون (يَوْمَ يُسْحَبُونَ) ظرفا للكون الذي في خبر (إِنَ) ، أي كائنون في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار. فالمعنى : أنهم في ضلال وسعر يوم القيامة و (سُعُرٍ) جمع سعير ، وهو النار ، وجمع السعير لأنه قوي شديد.
والسحب : الجرّ ، وهو في النار أشد من ملازمة المكان لأنه به يتجدد مماسة نار أخرى فهو أشد تعذيبا.
وجعل السحب على الوجوه إهانة لهم.
و (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) مقول قول محذوف ، والجملة مستأنفة. والذوق مستعار للإحساس.
وصيغة الأمر مستعملة في الإهانة والمجازاة.
والمس مستعمل في الإصابة على طريقة المجاز المرسل.
وسقر : علم على جهنم ، وهو مشتق من السّقر بسكون القاف وهو التهاب في النار ، ف (سَقَرَ) وضع علما لجهنم ، ولذلك فهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ، لأن جهنم اسم مؤنث معنى اعتبروا فيه أن مسماه نار والنار مؤنثة.
والآية تتحمل معنى آخر ، وهو أن يراد بالضلال ضد الهدى وأن الإخبار عن المجرمين بأنهم ليسوا على هدى ، وأن ما هم فيه باطل وضلال ، وذلك في الدنيا ، وأن يراد بالسّعر نيران جهنم وذلك في الآخرة فيكون الكلام على التقسيم.
أو يكون السّعر بمعنى الجنون ، يقال : سعر بضمتين وسعر بسكون العين ، أي جنون ، من قول العرب ناقة مسعورة ، أي شديدة السرعة كأن بها جنونا كما تقدم عند قوله تعالى : (إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) في هذه السورة [٢٤].
وروي عن ابن عباس وفسر به أبو علي الفارسي قائلا : لأنهم إن كانوا في السعير لم يكونوا في ضلال لأن الأمر قد كشف لهم وإنما وصف حالهم في الدنيا ، وعليه فالضلال والسعر حاصلان لهم في الدنيا.
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩))