بهم فلما حل بهم العذاب حل بهم بغتة ، وقوم فرعون خرجوا مقتفين موسى وبني إسرائيل واثقين بأنهم مدركوهم واقتربوا منهم وظنوا أنهم تمكنوا منهم فما راعهم إلا أن أنجى الله بني إسرائيل وانطبق البحر على الآخرين.
والمعنى : فكما أهلكنا أشياعكم نهلككم ، وكذلك كان ، فإن المشركين لمّا حلوا ببدر وهم أوفر عددا وعددا كانوا واثقين بأنهم منقذون عيرهم وهازمون المسلمين فقال أبو جهل وقد ضرب فرسه وتقدم إلى الصف «اليوم ننتصر من محمد وأصحابه» فلم تجل الخيل جولة حتى شاهدوا صناديدهم صرعى ببدر : أبا جهل ، وشيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف وغيرهم في سبعين رجلا ولم تقم لهم بعد ذلك قائمة.
والأشياع : جمع شيعة. والشيعة : الجماعة الذين يؤيدون من يضافون إليه ، وتقدم في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً) في آخر سورة الأنعام [١٥٩].
وأطلق الأشياع هنا على الأمثال والأشباه في الكفر على طريق الاستعارة بتشبيههم وهم منقرضون بأشياع موجودين.
وفرع على هذا الإنذار قوله : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) وتقدم نظيره في هذه السورة.
(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢))
يجوز أن يكون الضمير المرفوع في قوله : (فَعَلُوهُ) عائدا إلى (أَشْياعَكُمْ) [القمر : ٥١] ، والمعنى : أهلكناهم بعذاب الدنيا وهيّأنا لهم عذاب الآخرة فكتب في صحائف الأعمال كل ما فعلوه من الكفر وفروعه ، فالكناية في الزبر وقعت هنا كناية عن لازمها وهو المحاسبة به فيما بعد وعن لازم لازمها وهو العقاب بعد المحاسبة.
وهذا الخبر مستعمل في التعريض بالمخاطبين بأنهم إذا تعرضوا لما يوقع عليهم الهلاك في الدنيا فليس ذلك قصارى عذابهم فإن بعده حسابا عليه في الآخرة يعذبون به وهذا كقوله تعالى : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ) [الطور : ٤٧].
ويجوز عندي أن يكون الضمير عائدا إلى الجمع من قوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) [القمر: ٤٥] أو إلى (الْمُجْرِمِينَ) في قوله : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر: ٤٧] إلخ ، والمعنى كل شيء فعله المشركون من شرك وأذى للنبي صلىاللهعليهوسلم وللمسلمين معدود عليهم مهيأ عقابهم عليه لأن الإخبار عن إحصاء أعمال الأمم الماضين قد أغنى عنه الإخبار عن