إهلاكهم ، فالأجدر تحذير الحاضرين من سوء أعمالهم.
و (الزُّبُرِ) : جمع زبور وهو الكتاب مشتق من الزبر ، وهو الكتابة ، وجمعت الزبر لأن لكل واحد كتاب أعماله ، قال تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً* اقْرَأْ كِتابَكَ) [الإسراء : ١٣ ، ١٤] الآية.
وعموم (كُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ) مراد به خصوص ما كان من الأفعال عليه مؤاخذة في الآخرة.
(وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣))
هذا كالتذييل لقوله : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر : ٥٢] فكل صغير وكبير أعمّ من كل شيء فعلوه ، والمعنى : وكل شيء حقير أو عظيم مستطر ، أي مكتوب مسطور ، أي في علم الله تعالى أي كل ذلك يعلمه الله ويحاسب عليه ، فمستطر : اسم مفعول من سطر إذا كتب سطورا قال تعالى : (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) [الطور : ٢].
وهذا كقوله تعالى : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [الأنعام : ٥٩] وقوله : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٣].
فالصغير : مستعار للشيء الذي لا شأن له ولا يهتم به الناس ولا يؤاخذ عليه فاعله ، أو لا يؤاخذ عليه مؤاخذة عظيمة. والكبير : مستعار لضده ويدخل في ذلك ما له شأن من الصلاح وما له شأن من الفساد وما هو دون ذلك ، وذلك أفضل الأعمال الصالحة وما دونه من الأعمال الصالحة ، وكذلك كبائر الإثم والفواحش وما دونها من اللمم والصغائر.
والمستطر : كناية عن علم الله به وذلك كناية عن الجزاء عليه مكان ذلك جامعا للتبشير والإنذار.
[٥٤ ، ٥٥] (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥))
استئناف بياني لأنه لما ذكر أن كل صغير وكبير مستطر على إرادة أنه معلوم ومجازى عليه وقد علم جزاء المجرمين من قوله : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) [القمر : ٤٧] كانت نفس السامع بحيث تتشوف إلى مقابل ذلك من جزاء المتقين وجريا على عادة القرآن من