وقد قيل : إن سبب نزولها قول المشركين المحكي في قول تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) في سورة الفرقان [٦٠] ، فتكون تسميتها باعتبار إضافة «سورة» إلى «الرحمن» على معنى إثبات وصف الرحمن.
وهي مكية في قول جمهور الصحابة والتابعين ، وروى جماعة عن ابن عباس : أنها مدنية نزلت في صلح القضية عند ما أبى سهيل بن عمرو أن يكتب في رسم الصلح «بسم الله الرحمن الرحيم».
ونسب إلى ابن مسعود أيضا أنها مدنية. وعن ابن عباس : أنها مكية سوى آية منها هي قوله : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن : ٢٩]. والأصح أنها مكية كلها ، وهي في مصحف ابن مسعود أول المفصل. وإذا صح أن سبب نزولها قول المشركين (وَمَا الرَّحْمنُ) تكون نزلت بعد سورة الفرقان.
وقيل سبب نزولها قول المشركين (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) المحكي في سورة النحل [١٠٣]. فرد الله عليهم بأن الرحمن هو الذي علم النبي صلىاللهعليهوسلم القرآن.
وهي من أول السور نزولا فقد أخرج أحمد في «مسنده» بسند جيّد عن أسماء بنت أبي بكر قالت : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يسمعون يقرأ : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ). وهذا يقتضي أنها نزلت قبل سورة الحجر. وللاختلاف فيها لم تحقق رتبتها في عداد نزول سور القرآن. وعدّها الجعبري ثامنة وتسعين بناء على القول بأنها مدنيّة وجعلها بعد سورة الرعد وقبل سورة الإنسان.
وإذ كان الأصح أنها مكية وأنها نزلت قبل سورة الحجر وقبل سورة النحل وبعد سورة الفرقان ، فالوجه أن تعد ثالثة وأربعين بعد سورة الفرقان وقبل سورة فاطر.
وعد أهل المدينة ومكة آيها سبعا وسبعين ، وأهل الشام والكوفة ثمانيا وسبعين لأنهم عدوا الرحمن آية ، وأهل البصرة ستا وسبعين.
أغراض هذه السورة
ابتدئت بالتنويه بالقرآن قال في «الكشاف» : «أراد الله أن يقدم في عدد آلائه أول شيء ما هو أسبق قدما من ضروب آلائه وأصناف نعمائه وهي نعمة الدين فقدّم من نعمة الدين ما هو أعلى مراتبها وأقصى مراقبها وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه ، وأخّر ذكر