حيث يقع مرسى عدن ومرسى زيلع.
ولما كان في خلق البحرين نعم على الناس عظيمة منها معروفة عند جميعهم فإنهم يسيرون فيهما كما قال تعالى : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) [النحل : ١٤] وقال : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس : ٢٢] واستخراج سمكه والتطهر بمائه. ومنها معروفة عند العلماء وهي ما لأملاح البحر من تأثير في تنقية هواء الأرض واستجلاب الأمطار وتلقي الأجرام التي تنزل من الشهب وغير ذلك.
وجملة (يَلْتَقِيانِ) وجملة (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) حالان من (الْبَحْرَيْنِ).
وجملة (لا يَبْغِيانِ) مبينة لجملة (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ).
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١))
تكرير كما علمته مما تقدم ، ووقع هنا اعتراضا بين أحوال البحرين.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢))
حال ثالثة. ثم إن كان المراد بالبحرين : بحرين معروفين من البحار الملحة تكون (من) في قوله : (مِنْهُمَا) ابتدائية لأن اللؤلؤ والمرجان يكونان في البحر الملح.
وإن كان المراد بالبحرين : البحر الملح ، والبحر العذب كانت (من) في قوله : (مِنْهُمَا) للسببية كما في قوله تعالى : (فَمِنْ نَفْسِكَ) في سورة النساء [٧٩] ، أي يخرج اللؤلؤ والمرجان بسببهما ، أي بسبب مجموعهما. أما اللؤلؤ فأجوده ما كان في مصبّ الفرات على خليج فارس ، قال الرماني : لما كان الماء العذب كاللقاح للماء الملح في إخراج اللؤلؤ ، قيل : يخرج منهما كما يقال : يتخلق الولد من الذكر والأنثى ، وقد تقدم بيان تكون اللؤلؤ في البحار في سورة الحج.
وقال الزجّاج : قد ذكرهما الله فإذا خرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما وهو كقوله
تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً* وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) [نوح : ١٥ ، ١٦] ، والقمر في السماء الدنيا. وقال أبو علي الفارسي : هو من باب حذف المضاف ، أي من أحدهما كقوله تعالى : (عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١] أي من إحداهما.