أمور الثقلين في الآخرة ، لأن بعده (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) [الرحمن : ٤١] ، وهذا لكفار الثقلين وهم الأكثر في حين نزول هذه الآية.
و (الثَّقَلانِ) : تثنية ثقل ، وهذا المثنى اسم مفرد لمجموع الإنس والجن.
وأحسب أن الثّقل هو الإنسان لأنه محمول على الأرض ، فهو كالثقل على الدابة ، وأن إطلاق هذا المثنى على الإنس والجن من باب التغليب ، وقيل غير هذا مما لا يرتضيه المتأمل. وقد عد هذا اللفظ بهذا المعنى مما يستعمل إلا بصيغة التثنية فلا يطلق على نوع الإنسان بانفراده اسم الثقل ولذلك فهو مثنى اللفظ مفرد الإطلاق. وأظن أن هذا اللفظ لم يطلق على مجموع النوعين قبل القرآن فهو من أعلام الأجناس بالغلبة ، ثم استعمله أهل الإسلام ، قال ذو الرمة :
وميّة أحسن الثقلين وجها |
|
وسالفة وأحسنه قذالا |
أراد وأحسن الثقلين ، وجعل الضمير له مفردا. وقد أخطأ في استعماله إذ لا علاقة للجن في شيء من غرضه.
وقرأ الجمهور (سَنَفْرُغُ) بالنون. وقرأه حمزة والكسائي بالياء المفتوحة على أن الضمير عائد إلى الله تعالى على طريقة الالتفات.
وكتب (أَيُّهَ) في المصحف بهاء ليس بعدها ألف وهو رسم مراعى فيه حال النطق بالكلمة في الوصل إذ لا يوقف على مثله ، فقرأها الجمهور بفتحة على الهاء دون ألف في حالتي الوصل والوقف. وقرأها أبو عمرو والكسائي بألف بعد الهاء في الوقف. وقرأه ابن عامر بضم الهاء تبعا لضم الياء التي قبلها وهذا من الاتباع.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢))
تكرير لنظائره وليس هو خطابا للثقلين ولا تذييلا للجملة التي قبله إذ ليس في الجملة التي قبله ذكر نعمة على الثقلين بل هي تهديد لهما.
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣))
هذا مقول قول محذوف يدل عليه سياق الكلام السابق واللاحق ، وليس خطابا