وقرأ الجمهور (يَطْمِثْهُنَ) هنا ، وفي نظيره الآتي بكسر الميم. وقرأه الدوري عن الكسائي بضم الميم وهما لغتان في مضارع طمث. ونقل عن الكسائي : التخيير بين الضم والكسر.
وقوله : (إِنْسٌ قَبْلَهُمْ) أي لم يطمثهن أحد قبل ، وقوله : (وَلا جَانٌ) تتميم واحتراس وهو إطناب دعا إليه أن الجنة دار ثواب لصالحي الإنس والجن فلما ذكر (إِنْسٌ) نشأ توهم أن يمسهن جن فدفع ذلك التوهم بهذا الاحتراس.
وجملة (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) نعت أو حال من (قاصِراتُ الطَّرْفِ).
ووجه الشبه بالياقوت والمرجان في لون الحمرة المحمودة ، أي حمرة الخدود كما يشبه الخد بالورد ، ويطلق الأحمر على الأبيض فمنه حديث «بعثت إلى الأحمر والأسود» ، وقال عبد بني الحساس :
فلو كنت وردا لونه لعشقتني |
|
ولكن ربي شانني بسواديا |
ويجوز أن يكون التشبيه بهما في الصفاء واللمعان.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩))
كرر (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فيما علمت سابقا.
(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠))
تذييل للجمل المبدوءة بقوله : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) [الرحمن : ٤٦] ، أي لأنهم أحسنوا فجازاهم ربهم بالإحسان.
والإحسان الأول : الفعل الحسن ، والإحسان الثاني : إعطاء الحسن ، وهو الخير ، فالأول من قولهم : أحسن في كذا ، والثاني من قولهم : أحسن إلى فلان.
والاستفهام مستعمل في النفي ، ولذلك عقب بالاستثناء فأفاد حصر مجازاة الإحسان في أنها إحسان ، وهذا الحصر إخبار عن كونه الجزاء الحقّ ومقتضى الحكمة والعدل ، وإلا فقد يتخلف ذلك لدى الظالمين ، قال تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [الواقعة: ٨٢] وقال : (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) [الأعراف : ١٩٠].
وعلم منه أن جزاء الإساءة السوء قال تعالى : (جَزاءً وِفاقاً) [النبأ : ٢٦].