قال تعالى : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) [يونس : ١٠].
وإنما جيء بلفظ : (سَلاماً) منصوبا دون الرفع مع كون الرفع أدل على المبالغة كما ذكروه في قوله : (قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ) في سورة هود [٦٩] وسورة الذاريات [٢٥] لأنه أريد جعله بدلا من (قِيلاً).
[٢٧ ـ ٣٤] (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤))
عود إلى نشر ما وقع لفّه في قوله : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) [الواقعة : ٧] كما تقدم عند قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) [الواقعة : ٨].
وعبر عنهم هنا ب (أَصْحابُ الْيَمِينِ) وهنالك ب (أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) للتفنن.
فجملة (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ) عطف على جملة (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) [الواقعة : ٨] عطف القصة على القصة.
وجملة (ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) خبر عن (أَصْحابُ الْيَمِينِ) بإبهام يفيد التنويه بهم كما تقدم في قوله : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) [الواقعة : ٨]. وأتبع هذا الإبهام بما يبين بعضه بقوله : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) إلخ.
والسدر : شجر من شجر العضاه ذو ورق عريض مدوّر وهو صنفان : عبري بضم العين وسكون الموحدة وياء نسب نسبة إلى العبر بكسر العين وسكون الموحدة على غير قياس وهو عبر النهي ، أي ضفته ، له شوك ضعيف في غصونه لا يضير.
والصنف الثاني الضّال (بضاد ساقطة ولام مخففة) وهو ذو شوك. وأجود السدر الذي ينبت على الماء وهو يشبه شجر العناب ، وورقه كورق العناب وورقه يجعل غسولا ينظف به ، يخرج مع الماء رغوة كالصابون.
وثمر هذا الصنف هو النبق ـ بفتح النون وكسر الموحدة وقاف ـ يشبه ثمر العناب إلا أنه أصفر مزّ (بالزاي) يفوح الفم ويفوح الثياب ويتفكه به ، وأما الضال وهو السدر البري الذي لا ينبت على الماء فلا يصلح ورقه للغسول وثمره عفص لا يسوغ في الحلق ولا ينتفع به ويخبط الرعاة ورقه للراعية ، وأجود ثمر السدر ثمر سدر هجر أشد نبق حلاوة