والاستفهام إنكاري كناية عن الإحالة والاستبعاد ، وتقدم نظير : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) إلخ في سورة الصافات.
وقرأ الجمهور (أَإِذا مِتْنا) بإثبات الاستفهام الأول والثاني ، أي إذا متنا أإنا. وقرأه نافع والكسائي وأبو جعفر بالاستفهام في (أَإِذا مِتْنا) والإخبار في (إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).
وقرأ الجمهور : (أَوَآباؤُنَا) ، بفتح الواو على أنها واو عطف عطفت استفهاما على استفهام ، وقدمت همزة الاستفهام على حرف العطف لصدارة الاستفهام ، وأعيد الاستفهام توكيدا للاستبعاد. والمراد بالقول في قوله : (وَكانُوا يَقُولُونَ) إلخ انهم يعتقدون استجابة مدلول ذلك الاستفهام.
[٤٩ ، ٥٠] (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠))
لما جرى تعليل ما يلاقيه أصحاب الشمال من العذاب بما كانوا عليه من كفران النعمة ، وكان المقصود من ذلك وعيد المشركين وكان إنكارهم البعث أدخل في استمرارهم على الكفر أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يخاطبهم بتحقيق وقوع البعث وشموله لهم ولآبائهم ولجميع الناس ، أي أنبئهم بأن الأولين والآخرين ، أي هم وآباؤهم يبعثون في اليوم المعين عند الله ، فقد انتهى الخبر عن حالهم يوم ترجّ الأرض وما يتبعه.
وافتتح الكلام بالأمر بالقول للاهتمام به كما افتتح به نظائره في آيات كثيرة ليكون ذلك تبليغا عن الله تعالى. فيكون قوله : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ) إلخ استئنافا ابتدائيا لمناسبة حكاية قولهم : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) [الواقعة : ٤٧] الآية.
والمراد ب (الْأَوَّلِينَ) : من يصدق عليه وصف (أول) بالنسبة لمن بعدهم ، والمراد ب (الْآخِرِينَ) : من يصدق عليه وصف آخر بالنسبة لمن قبله.
ومعنى (لَمَجْمُوعُونَ) : أنهم يبعثون ويحشرون جميعا ، وليس البعث على أفواج في أزمان مختلفة كما كان موت الناس بل يبعث الأولون والآخرون في يوم واحد. وهذا إبطال لما اقتضاه عطف (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) في كلامهم من استنتاج استبعاد البعث لأنهم عدّوا سبق من سبق موتهم أدل على تعذر بعثهم بعد أن مضت عليهم القرون ولم يبعث فريق منهم إلى يوم هذا القيل ، فالمعنى : أنكم.
وتأكيد الخبر ب (إن) واللام لرد إنكارهم مضمونه.