الجملة بدل اشتمال من جملة (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) [الواقعة : ٧٢] ، أي أنّ إنشاء النار كان لفوائد وحكما منها أن تكون تذكرة للناس يذكرون بها نار جهنم ويوازنون بين إحراقها وإحراق جهنم التي يعلمون أنها أشد من نارهم.
والمتاع : ما يتمتع ، أي ينتفع به زمانا ، وتقدم في قوله : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) في سورة النساء [٧٧].
والمقوي : الداخل في القواء (بفتح القاف والمد) وهي القفر ، ويطلق المقوي على الجائع لأن جوفه أقوت ، أي خلقت من الطعام إذ كلا الفعلين مشتق من القوى وهو الخلاء. وفراغ البطن : قواء وقوى. فإيثار هذا الوصف في هذه الآية ليجمع المعنيين فإن النار متاع للمسافرين يستضيئون بها في مناخهم ويصطلون بها في البرد ويراها السائر ليلا في القفر فيهتدي إلى مكان النّزّل فيأوي إليهم ، ومتاع للجائعين يطبخون بها طعامهم في الحضر والسفر ، وهذا إدماج للامتنان في خلال الاستدلال. واختير هذان الوصفان لأن احتياج أصحابهما إلى النار أشد من احتياج غيرهما.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤))
رتب على ما مضى من الكلام المشتمل على دلائل عظمة القدرة الإلهية وعلى أمثال لتقريب البعث الذي أنكروا خبره ، وعلى جلائل النعم المدمجة في أثناء ذلك أن أمر الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن ينزهه تنزيها خاصا معقّبا لما تفيضه عليه تلك الأوصاف الجليلة الماضية من تذكر جديد يكون التنزيه عقبه ضربا من التذكر في جلال ذاته والتشكر لآلائه فإن للعبادات مواقع تكون هي فيها أكمل منها في دونها ، فيكون لها من الفضل ما يجزل ثوابه فالرسول صلىاللهعليهوسلم لا يخلو عن تسبيح ربه والتفكر في عظمة شأنه ولكن لاختلاف التسبيح والتفكر من تجدد ملاحظة النفس ما يجعل لكل حال من التفكر مزايا تكسبه خصائص وتزيده ثوابا.
فالجملة عطف على جملة (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ* لَمَجْمُوعُونَ) إلى قوله : (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) [الواقعة : ٤٩ ـ ٧٣] ، وهي تذييل.
والتسبيح : التنزيه ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) في سورة البقرة [٣٠].
واسم الرب : هو ما يدل على ذاته وجماع صفاته وهو اسم الجلالة ، أي بأن يقول :