مالك في قراءة اليسير منه كالآية والآيتين ، ولم يشترط أحد من أهل العلم الوضوء على قارئ القرآن.
واختلف في قراءته للحائض والنفساء. وعن مالك في ذلك روايتان ، وأحسب أن رواية الجواز مراعى فيها أن انتقاض طهارتهما تطول مدته فكان ذلك سببا في الترخيص.
(أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١))
الفاء تفريع على ما سيق لأجله الكلام الذي قبلها في غرضه من التنويه بشأن القرآن ، وهو الذي بحذو الفاء ، أو من إثبات البعث والجزاء وهو الذي حواه معظم السورة ، وكان التنويه بالقرآن من مسبّباته.
وأطبق المفسرون عدا الفخر على أن اسم الإشارة وبيانه بقوله : (فَبِهذَا الْحَدِيثِ) مشير إلى القرآن لمناسبة الانتقال من التنويه بشأنه إلى الإنكار على المكذبين به. فالتفريع على قوله : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) [الواقعة : ٧٧] الآية.
والمراد ب (الْحَدِيثِ) إخبار الله تعالى بالقرآن وإرادة القرآن من مثل قوله : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) واردة في القرآن ، أي في قوله في سورة القلم [٤٤] (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) وقوله في سورة النجم [٥٩] (أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ).
ويكون العدول عن الإضمار إلى اسم الإشارة بقوله : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) دون أن يقول : أفبه أنتم مدهنون ، إخراجا للكلام على خلاف مقتضى الظاهر لتحصل باسم الإشارة زيادة التنويه بالقرآن.
وأما الفخر فجعل الإشارة من قوله : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) إشارة إلى ما تحدثوا به من قبل في قوله تعالى : (وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) [الواقعة : ٤٧ ، ٤٨] ، فإن الله رد عليهم ذلك بقوله : (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) [الواقعة : ٤٩] الآية. وبين أن ذلك كله إخبار من الله بقوله : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) [الواقعة : ٧٧] ثم عاد إلى كلامهم فقال : أفبهذا الحديث الذي تتحدثون به أنتم مدهنون لأصحابكم اه ، أي على معنى قوله تعالى : (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [العنكبوت : ٢٥].
وإنه لكلام جيّد ولو جعل المراد من (هذا الحديث) جميع ما تقدم من أول السورة