وقيل : الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم وتقرير المعنى كما تقدم لأن النبي صلىاللهعليهوسلم يسرّ بما يناله أهل الإسلام من الكرامة عند الله وهم ممن شملهم لفظ (أَصْحابِ الْيَمِينِ). وقيل : الكلام على تقدير القول ، أي فيقال له : سلام لك ، أي تقول له الملائكة.
و (مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) خبر مبتدأ محذوف ، أي أنت من أصحاب اليمين ، و (مِنْ) على هذا تبعيضية ، فهي بشارة للمخاطب عند البعث على نحو قوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [الرعد: ٢٣ ، ٢٤].
وقيل : الكاف خطاب لمن كان من أصحاب اليمين على طريقة الالتفات. ومقتضى الظاهر أن يقال : فسلام له ، فعدل إلى الخطاب لاستحضار تلك الحالة الشريفة ، أي فيسلم عليه أصحاب اليمين على نحو قوله تعالى : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) [يونس : ١٠] أي يبادرونه بالسلام ، وهذا كناية عن كونه من أهل منزلتهم ، و (مِنْ) على هذا ابتدائية.
فهذه محامل لهذه الآية يستخلص من مجموعها معنى الرفعة والكرامة.
والمكذبون الضالون : هم أصحاب الشمال في القسم السابق إلى أزواج ثلاثة.
وقدم هنا وصف التكذيب على وصف الضلال عكس ما تقدم في قوله : (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ) [الواقعة : ٥١] ، لمراعاة سبب ما نالهم من العذاب وهو التكذيب ، لأن الكلام هنا على عذاب قد حان حينه وفات وقت الحذر منه فبيّن سبب عذابهم وذكروا بالذي أوقعهم في سببه ليحصل لهم ألم التندم.
والنزل : ما يقدم للضيف من القرى ، وإطلاقه هنا تهكم ، كما تقدم قريبا في هذه السورة كقوله تعالى : (هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) [الواقعة : ٥٦].
والتصلية : مصدر صلّاه المشدّد ، إذا أحرقه وشواه ، يقال : صلى اللحم تصلية ، إذا شواه ، وهو هنا من الكلام الموجه لإيهامه أنه يصلّى له الشواء في نزله على طريقة التهكم ، أي يحرّق بها.
والجحيم : يطلق على النار المؤججة ، ويطلق علما على جهنّم دار العذاب الآخرة.
(إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥))
تذييل لجميع ما اشتملت عليه السورة من المعاني المثبتة.