والإشارة إلى ذلك بتأويل المذكور من تحقيق حق وإبطال باطل.
والحق : الثابت. و (الْيَقِينِ) : المعلوم جزما الذي لا يقبل التشكيك.
وإضافة (حَقُ) إلى (الْيَقِينِ) من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي لهو اليقين الحق. وذلك أن الشيء إذا كان كاملا في نوعه وصف بأنه حقّ ذلك الجنس ، كما في الحديث : «لأبعثن معكم أمينا حقّ أمين». فالمعنى : أن الذي قصصنا عليك في هذه السورة هو اليقين حقّ اليقين ، كما يقال : زيد العالم حق عالم. ومآل هذا الوصف إلى توكيد اليقين ، فهو بمنزلة ذكر مرادف الشيء وإضافة المترادفين تفيد معنى التوكيد ، فلذلك فسروه بمعنى : أن هذا يقين اليقين وصواب الصواب. نريد : أنه نهاية الصواب. قال ابن عطية : وهذا أحسن ما قيل فيه.
ويجوز أن تكون الإضافة بيانية على معنى (من) ، وحقيقته على معنى اللام بتقدير : لهو حق الأمر اليقين ، وسيجيء نظير هذا التركيب في سورة الحاقة. وسأبين هنا لك ما يزيد على ما ذكرته هنا فانظره هنا لك.
وقد اشتمل هذا التذييل على أربعة مؤكدات وهي : (إن) ، ولام الابتداء ، وضمير الفصل ، وإضافة شبه المترادفين.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦))
تفريع على تحقيق أن ما ذكر هو اليقين حقا فإن ما ذكر يشتمل على عظيم صفات الله وبديع صنعه وحكمته وعدله ، ويبشر النبي صلىاللهعليهوسلم وأمته بمراتب من الشرف والسلامة على مقادير درجاتهم وبنعمة النجاة مما يصير إليه المشركون من سوء العاقبة ، فلا جرم كان حقيقا بأن يؤمر بتسبيح الله تسبيحا استحقه لعظمته ، والتسبيح ثناء ، فهو يتضمن حمدا لنعمته وما هدى إليه من طرق الخير ، وقد مضى تفصيل القول في نظيره من هذه السورة.