(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها).
استئناف لتقرير عموم علمه تعالى بكل شيء فكان بيان جملة (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الحديد : ٢] وجملة (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الحديد : ٣] جاريا على طريقة النشر للف على الترتيب ، وتقدم نظير هذه الآية في سورة سبأ. فانظر ذلك.
(وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
عطف معنى خاص على معنى شمله وغيره لقصد الاهتمام بالمعطوف.
والمعيّة تمثيل كنائي عن العلم بجميع أحوالهم.
و (أَيْنَ ما) ظرف مركب من (أين) وهي اسم للمكان ، و (ما) الزائدة للدلالة على تعميم الأمكنة.
وجملة (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) تكملة لمضمون (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) ، وكان حقها أن لا تعطف وإنما عطفت ترجيحا لجانب ما تحتوي عليه من الخبر عن هذه الصفة.
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥))
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
هذا تأكيد لنظيره الذي في أول هذه السورة كرر ليبنى عليه قوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ، فكان ذكره في أول السورة مبنيّا عليه التصرف في الموجودات القابلة للحياة والموت في الدنيا ، وكان ذكره هنا مبنيّا عليه أن أمور الموجودات كلّها ترجع إلى تصرفه.
وتقديم المسند لقصر الإلهية عليه تعالى فيفيد صفة الواحد.
(وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
عطف على (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) عطف الخاص من وجه على العام منه فيما يتعلق بالأمور الجارية في الدنيا ، وعطف المغاير فيما يتعلق بالأمور التي تجري يوم القيامة على ما سيتضح في تفسير معنى (الْأُمُورُ).
فالأمور : جمع أمر ، واشتهر في اللغة أن الأمر اسم للشأن والحادث فيعم الأفعال والأقوال.
وقال ابن عطية : (الْأُمُورُ) هنا : جميع الموجودات لأن الأمر والشيء والموجود