على التأكيد وهو ما فيه من البيان.
والحسنى : لقب قرآني إسلامي يدل على خيرات الآخرة ، قال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦].
وقوله : (مِنْكُمْ) حال من (مَنْ أَنْفَقَ) أصله نعت قدّم للاهتمام تعجيلا بهذا الوصف.
وجيء باسم الإشارة في قوله : (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) دون الضمير لما تؤذن به الإشارة من التنويه والتعظيم ، وللتنبيه على أن المشار إليهم جديرون بما يذكر بعد اسم الإشارة ، لأجل ما ذكر قبله من الإخبار ومثله قوله : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٤] بعد قوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [البقرة : ٣] إلخ.
وقرأ الجمهور (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) بنصب (كُلًّا) على أنه مفعول أول مقدم على فعله على طريقة الاشتغال بالضمير المحذوف اختصارا. وقرأه ابن عامر بالرفع على الابتداء وهما وجهان في الاشتغال متساويان.
وهذه الآية أصل في تفاضل أهل الفضل فيما فضلوا فيه ، وأن الفضل ثابت للذين أسلموا بعد الفتح من أهل مكة وغيرهم. وبئس ما يقوله بعض المؤرخين من عبارات تؤذن بتنقيص من أسلموا بعد الفتح من قريش مثل كلمة «الطلقاء» وإنما ذلك من أجل حزازات في النفوس قبلية أو حزبية ، والله يقول : (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات : ١١].
وجملة (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) تذييل ، والواو اعتراضية ، والمعنى : أن الله يعلم أسباب الإنفاق وأوقاته وأعذاره ، ويعلم أحوال الجهاد ونوايا المجاهدين فيعطي كل عامل على نية عمله.
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١))
موقع هذه الجملة موقع التعليل والبيان لجملة (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [الحديد : ١٠].
وما بينهما اعتراض ، والمعنى : أن مثل المنفق في سبيل الله كمثل من يقرض الله ومثل الله تعالى في جزائه كمثل المستسلف مع من أحسن قرضه وأحسن في دفعه إليه.