و (مَنْ) استفهامية كما هو شأنها إذا دخلت على اسم الإشارة والموصول ، و (الَّذِي يُقْرِضُ) خبرها ، و (ذَا) معترضة لاستحضار حال المقترض بمنزلة الشخص الحاضر القريب.
وعن الفراء : (ذا) صلة ، أي زائدة لمجرد التأكيد مثل ما قال كثير من النحاة : إن (ذا) في (ما ذا) ملغاة ، قال الفراء : رأيتها في مصحف عبد الله منذا الذي والنون موصولة بالذال اه.
والاستفهام مستعمل في معنى التحريض مجازا لأن شأن المحرّض على الفعل أن يبحث عمن يفعله ويتطلب تعيينه لينوطه به أو يجازيه عليه.
والقرض الحسن : هو القرض المستكمل محاسن نوعه من كونه عن طيب نفس وبشاشة في وجه المستقرض ، وخلو عن كل ما يعرّض بالمنة أو بتضييق أجل القضاء. والمشبّه هنا بالقرض الحسن هو الإنفاق في سبيل الله المنهيّ عن تركه في قوله : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) [الحديد : ١٠].
وقرأ الجمهور (فَيُضاعِفَهُ) بألف بعد الضاد. وقرأه ابن كثير وابن عامر ويعقوب (فَيُضاعِفَهُ) بدون ألف وبتشديد العين.
والفاء في جملة (فَيُضاعِفَهُ لَهُ) فاء السببية لأن المضاعفة مسببة على القرض. وقرأ الجمهور فعل يضاعفه مرفوعا على اعتباره معطوفا على (يُقْرِضُ). والمعنى : التحريض على الإقراض وتحصيل المضاعفة لأن الإقراض سبب المضاعفة فالعمل لحصول الإقراض كأنه عمل لحصول المضاعفة.
أو على اعتبار مبتدأ محذوف لتكون الجملة اسمية في التقدير فيقع الخبر الفعلي بعد المبتدأ مفيدا تقوية الخبر وتأكيد حصوله ، واعتبار هذه الجملة جوابا ، ل (من) الموصولة بإشراب الموصول معنى الشرط وهو إشراب كثير في القرآن.
وقرأه حفص عن عاصم وابن عامر ويعقوب ـ كل على قراءته ـ بالنصب على جواب الاستفهام.
ومعنى (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) : أن له أنفس جنس الأجور لأن الكريم في كل شيء هو النفيس ، كما تقدم في قوله تعالى : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) في سورة النمل [٢٩]. وجعل الأجر الكريم مقابل القرض الحسن فقوبل بهذا موصوف وصفته بمثلهما.