والمضاعفة : مماثلة المقدار ، فالمعنى : يعطيه مثلي قرضه.
والمراد هنا مضاعفته أضعافا كثيرة كما قال : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ) الآية في سورة البقرة [٢٦١].
وقال : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) [البقرة : ٢٤٥].
وضمير النصب في (فَيُضاعِفَهُ) عائد إلى القرض الحسن ، والكلام على حذف مضاف تقديره : فيضاعف جزاءه له. لأن القرض هنا تمثيل بحال السلف المتعارف بين الناس فيكون تضعيفه مثل تضعيف مال السلف وذلك قبل تحريم الربا.
والأجر : ما زاد على قضاء القرض من عطية يسديها المستسلف إلى من سلفه عند ما يجد سعة ، وهو الذي قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خيركم أحسنكم قضاء» ، وقال تعالى: (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) [النساء : ٤٠].
والظاهر أن هذا الأجر هو المغفرة كما في قوله تعالى : (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) في سورة التغابن [١٧]. وهذا يشمل الإنفاق في الصدقات قال تعالى : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) [الحديد : ١٨] ، وهو ما فسره قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «والصدقة تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار» ، أي زيادة على مضاعفتها مثل الحسنات كلها.
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢))
لما كان معلوما أن مضاعفة الثواب وإعطاء الأجر يكون في يوم الجزاء ، ترجح أن يكون قوله : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ) منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر تنويها بما يحصل في ذلك اليوم من ثواب للمؤمنين والمؤمنات ومن حرمان للمنافقين والمنافقات ، ولذلك كرر (يَوْمَ) ليختصّ كل فريق بذكر ما هو من شئونه في ذلك اليوم.
وعلى هذا فالجملة متصلة بالتي قبلها بسبب هذا التعلق ، على أنه في نظم الكلام يصح جعله ظرفا متعلقا ب (فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) [الحديد : ١١] على طريقة التخلص لذكر ما يجري في ذلك اليوم من الخيرات لأهلها ومن الشر لأهله.
وعلى الوجه الأول فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا لمناسبة ذكر أجر المنفقين فعقب