وحذف متعلق (لَواقِعٌ) ، وتقديره : على المكذبين ، أو بالمكذبين ، كما دل عليه قوله بعد (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) [الطور : ١١] ، أي المكذبين بك بقرينة إضافة رب إلى ضمير المخاطب المشعر بأنه معذبهم لأنه ربك وهم كذّبوك فقد كذبوا رسالة الرب. وتضمن قوله : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) إثبات البعث بعد كون الكلام وعيدا لهم على إنكار البعث وإنكارهم أن يكونوا معذبين.
وأتبع قوله : (لَواقِعٌ) بقوله : (ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) ، وهو خبر ثان عن (عَذابَ) أو حال منه ، أي : ما للعذاب دافع يدفعه عنهم.
والدفع : إبعاد الشيء عن شيء باليد وأطلق هنا على الوقاية مجازا بعلاقة الإطلاق ألا يقيهم من عذاب الله أحد بشفاعة أو معارضة.
وزيدت (مِنْ) في النفي لتحقيق عموم النفي وشموله ، أي نفي جنس الدافع.
روى أحمد بن حنبل عن جبير بن مطعم قال : «قدمت المدينة على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم لأكلمه في أسارى بدر فدفعت إليه وهو يصلّي بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ (وَالطُّورِ) إلى (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ* ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) فكأنما صدع قلبي» ، وفي رواية «فأسلمت خوفا من نزول العذاب وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب».
[٩ ـ ١٢] (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (٩) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (١٠) فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢))
يجوز أن يتعلق (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ) بقوله : (لَواقِعٌ) [الذاريات : ٧] على أنه ظرف له فيكون قوله : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) تفريعا على الجملة كلها ويكون العذاب عذاب الآخرة.
ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) [الذاريات : ٧] ، فيكون (يَوْمَ) متعلقا بالكون الذي بين المبتدأ والخبر في قوله : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وقدم الظرف على عامله للاهتمام ، فلما قدم الظرف اكتسب معنى الشرطية وهو استعمال متبع في الظروف والمجرورات التي تقدم على عواملها فلذلك قرنت الجملة بعده بالفاء على تقدير : إن حلّ ذلك اليوم فويل للمكذبين.
وقوله : (يَوْمَئِذٍ) على هذا الوجه أريد به التأكيد للظرف فحصل تحقيق الخبر