أولئك. وتلقين هؤلاء المكذبين الرجوع إلى الله وتصديق النبي صلىاللهعليهوسلم ونبذ الشرك. ومعذرة الرسول صلىاللهعليهوسلم من تبعة إعراضهم والتسجيل عليهم بكفران نعمة الخلق والرزق. ووعيدهم على ذلك بمثل ما حلّ بأمثالهم.
[١ ـ ٦] (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦))
القسم المفتتح به مراد منه تحقيق المقسم عليه وتأكيد وقوعه وقد أقسم الله بعظيم من مخلوقاته وهو في المعنى قسم بقدرته وحكمته ومتضمن تشريف تلك المخلوقات بما في أحوالها من نعم ودلالة على الهدى والصلاح ، وفي ضمن ذلك تذكير بنعمة الله فيما أوجد فيها.
والمقسم بها الصفات تقتضي موصفاتها ، فآل إلى القسم بالموصوفات لأجل تلك الصفات العظيمة. وفي ذلك إيجاز دقيق ، على أن في طي ذكر الموصوفات توفيرا لما تؤذن به الصفات من موصوفات صالحة بها لتذهب أفهام السامعين في تقديرها كل مذهب ممكن.
وعطف تلك الصفات بالفاء يقتضي تناسبها وتجانسها ، فيجوز أن تكون صفات لجنس واحد وهو الغالب في عطف الصفات بالفاء ، كقول ابن زيّابة :
يا لهف زيابة (١) للحارث (٢) الص |
|
ابح فالغانم فالآئب (٣) |
ويجوز أن تكون مختلفة الموصوفات إلا أن موصوفاتها متقاربة متجانسة كقول امرئ القيس :
بسقط اللوى بين الدّخول فحومل |
|
فتوضح فالمقراة ... |
وقول لبيد :
بمشارق الجبلين أو بمحجر |
|
فتضمّنتها فردة فرخامها |
__________________
(١) يريد : أمه واسمها زيّابة.
(٢) هو الحارث بن همام الشيباني ، وهو شاعر قديم جاهلي وكان بينه وبين ابن زيّابة عداوة.
وهذا البيت من أبيات هي جواب عن هجاء هجاه به الحارث.
(٣) تهكم بالحارث.