على سبيل التقريب بالأمر المعروف ، كما أطلقت على العنصر الناري في قوله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) في سورة الحجر [٢٧] وكل ذلك تقريب بالمألوف.
وجملة (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ) تعليل لمنة الله عليهم وثناء على الله بأنه استجاب لهم ، أي كنا من قبل اليوم ندعوه ، أي في الدنيا.
وحذف متعلق (نَدْعُوهُ) للتعميم ، أي كنا نبتهل إليه في أمورنا ، وسبب العموم داخل ابتداء ، وهو الدعاء لأنفسهم ولذرياتهم بالنجاة من النار وبنوال نعيم الجنة.
ولما كان هذا الكلام في دار الحقيقة لا يصدر إلا عن إلهام ومعرفة كان دليلا على أن دعاء الصالحين لأبنائهم وذرياتهم مرجو الإجابة ، كما دل على إجابة دعاء الصالحين من الأبناء لآبائهم على ذلك ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث» فذكر «وولد صالح يدعو له بخير».
وقوله : (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) قرأه نافع والكسائي وأبو جعفر بفتح همزة (أنه) على تقدير حرف الجر محذوفا حذفا مطّردا مع (أنّ) وهو هنا اللام تعليلا ل (نَدْعُوهُ) ، وقرأه الجمهور بكسر همزة (إن) وموقع جملتها التعليل.
والبر : المحسن في رفق.
والرحيم : الشديد الرحمة وتقدم في تفسير سورة الفاتحة.
وضمير الفصل لإفادة الحصر وهو لقصر صفتي (الْبَرُّ) و (الرَّحِيمُ) على الله تعالى وهو قصر ادعائي للمبالغة لعدم الاعتداد ببرور غيره ورحمة غيره بالنسبة إلى برور الله ورحمته باعتبار القوة فإن غير الله لا يبلغ بالمبرة والرحمة مبلغ ما لله وباعتبار عموم المتعلق ، وباعتبار الدوام لأن الله بر في الدنيا والآخرة ، وغير الله برّ في بعض أوقات الدنيا ولا يملك في الآخرة شيئا.
(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (٢٩))
تفريع على ما تقدم كله من قوله : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) [الطور : ٧] لأنه تضمن تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم عن تكذيب المكذبين والافتراء عليه ، وعقب بهذا لأن من الناس مؤمنين به متيقنين أن الله أرسله مع ما أعد لكلا الفريقين فكان ما تضمنه ذلك يقتضي أن في