والذي أوعدوه عذاب الآخرة وعذاب الدنيا مثل الجوع في سني القحط السبع الذي هو دعوة النبي صلىاللهعليهوسلم عليهم بقوله : (اللهمّ اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف) وهو الذي أشار إليه قوله تعالى : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ* يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) الآية في سورة الدخان [١٠ ، ١١]. ومثل عذاب السيف والأسر يوم بدر الذي توعدهم الله به في قوله : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) [الدخان : ١٦]. ويجوز أن يكون توعدون من الوعد ، أي الإخبار بشيء يقع في المستقبل مثل قوله : (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) [لقمان : ٣٣] فوزنه تفعلون. والمراد بالوعد الوعد بالبعث.
ووصف (لَصادِقٌ) مجاز عقلي إذ الصادق هو الموعد به على نحو (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الجاثية : ٢١].
والدين : الجزاء. والمراد إثبات البعث الذي أنكروه.
ومعنى (لَواقِعٌ) واقع في المستقبل بقرينة جعله مرتبا في الذكر على ما يوعدون وإنما يكون حصول الموعود به في الزمن المستقبل وفي ذكر الجزاء زيادة على الكناية به عن إثبات البعث تعريض بالوعيد على إنكار البعث.
وكتب في المصاحف (إِنَّما) متصلة وهو على غير قياس الرسم المصطلح عليه من بعد لأنهما كلمتان لم تصيرا كلمة واحدة ، بخلاف إنما التي هي للقصر. ولم يكن الرسم في زمن كتابة المصاحف في أيام الخليفة عثمان قد بلغ تمام ضبطه.
[٧ ـ ٩] (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩))
هذا قسم أيضا لتحقيق اضطراب أقوالهم في الطعن في الدين وهو كالتذييل للذي قبله ، لأن ما قبله خاص بإثبات الجزاء. وهذا يعم إبطال أقوالهم الضالّة فالقسم لتأكيد المقسم عليه لأنهم غير شاعرين بحالهم المقسم على وقوعه ، ومتهالكون على الاستزادة منه ، فهم منكرون لما في أقوالهم من اختلاف واضطراب جاهلون به جهلا مركّبا والجهل المركب إنكار للعلم الصحيح. والقول في القسم ب (السَّماءِ) كالقول في القسم ب (الذَّارِياتِ) [الذاريات : ١].
ومناسبة هذا القسم للمقسم عليه في وصف السماء بأنها ذات حبك ، أي طرائق لأن المقسم عليه : إن قولهم مختلف طرائق قددا ولذلك وصف المقسم به ليكون إيماء إلى نوع جواب القسم.