شيء. وأتبعت بصفة (الْجَبَّارُ) الدالة على أنّه مسخر المخلوقات لإرادته ثم صفة (الْمُتَكَبِّرُ) الدالة على أنه ذو الكبرياء يصغر كل شيء دون كبريائه فكانت هذه الصفات في جانب التخويف كما كانت الصفات قبلها في جانب الإطماع.
(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ).
ذيلت هذه الصفات بتنزيه الله تعالى عن أن يكون له شركاء بأن أشرك به المشركون. فضمير (يُشْرِكُونَ) عائد إلى معلوم من المقام وهم المشركون الذين لم يزل القرآن يقرعهم بالمواعظ.
(هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٤))
(هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ).
القول في ضمير (هُوَ) المفتتح به وفي تكرير الجملة كالقول في التي سبقتها. فإن كان ضمير الغيبة ضمير شأن فالجملة بعده خبر عنه.
وجملة (اللهُ الْخالِقُ) تفيد قصرا بطريق تعريف جزأي الجملة هو الخالق لا شركاؤهم. وهذا إبطال لإلهية ما لا يخلق. قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) [النحل : ٢٠] ، وقال : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [النحل : ١٧] ، وإن كان عائدا على اسم الجلالة المتقدم فاسم الجلالة بعده خبر عنه و (الْخالِقُ) صفة.
و (الْخالِقُ) : اسم فاعل من الخلق ، وأصل الخلق في اللغة إيجاد شيء على صورة مخصوصه. وقد تقدم عند قوله تعالى حكاية عن عيسى عليهالسلام (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ) الآية [٤٩] في سورة آل عمران. ويطلق الخلق على معنى أخص من إيجاد الصور وهو إيجاد ما لم يكن موجودا. كقوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [ق : ٣٨]. وهذا هو المعنى الغالب من إطلاق اسم الله تعالى (الْخالِقُ).
قال في «الكشاف» : «المقدر لما يوجده». ونقل عنه في بيان مراده بذلك أنه قال : «لما كانت إحداثات الله مقدرة بمقادير الحكمة عبر عن إحداثه بالخلق» ا ه. يشير إلى أن