سَواءَ السَّبِيلِ (١))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي).
اتفق المفسرون وثبت في «صحيح الأحاديث» أن هذه الآية نزلت في قضية الكتاب الذي كتب به حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزّى من قريش. وكان حاطب من المهاجرين أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن أهل بدر.
وحاصل القصة مأخوذة مما في «صحيح الآثار» ومشهور السيرة : أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم كان قد تجهّز قاصدا مكة. قيل لأجل العمرة عام الحديبية ، وهو الأصح ، وقيل لأجل فتح مكة وهو لا يستقيم ، فقدمت أيامئذ من مكة إلى المدينة امرأة تسمّى سارة مولاة لأبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف وكانت على دين الشرك فقالت لرسول اللهصلىاللهعليهوسلم : كنتم الأهل والموالي والأصل والعشيرة وقد ذهب الموالي (تعني من قتل من مواليها يوم بدر). وقد اشتدت بي الحاجة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني فحث رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بني عبد المطلب وبني المطلب على إعطائها ، فكسوها وأعطوها وحملوها ، وجاءها حاطب بن أبي بلتعة فأعطاها كتابا لتبلغه إلى من كتب إليهم من أهل مكة يخبرهم بعزم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الخروج إليهم ، وآجرها على إبلاغه فخرجت ، وأوحى الله إلى رسولهصلىاللهعليهوسلم بذلك ، فبعث عليّا والزبير والمقداد وأبا مرثد الغنوي ، وكانوا فرسانا. وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ ، فإنّ بها ظعينة ومعها كتاب من حاطب إلى المشركين فخذوه منها وخلّوا سبيلها. فخرجوا تتعادى بهم خيلهم حتى بلغوا روضة خاخ فإذا هم بالمرأة. فقالوا : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي كتاب ، فقالوا : لتخرجنّ الكتاب أو لنلقينّ الثّياب (يعنون أنهم يجردونها) فأخرجته من عقاصها ، وفي رواية من حجزتها.
فأتوا به النبي صلىاللهعليهوسلم. فقال : يا حاطب ما هذا؟ قال : لا تعجل عليّ يا رسول الله. فإني كنت امرأ ملصقا في قريش وكان لمن كان معك من المهاجرين قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي (يريد أمه وإخوته) ، ولم أفعله كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضى بالكفر بعد الإسلام. فقال النبيصلىاللهعليهوسلم : صدق. فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ، فقال النبيصلىاللهعليهوسلم: «إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». وقال : لا تقولوا لحاطب إلّا خيرا فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ