آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) الآيات.
والظاهر أن المرأة جاءت متجسسة إذ ورد في بعض الروايات أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يؤمّن يوم الفتح أربعة منهم هذه المرأة لكن هذا يعارضه ما جاء في رواية القصة من قول النبيصلىاللهعليهوسلم : «خذوا منها الكتاب وخلّوا سبيلها».
وقد وجه الخطاب بالنهي إلى جميع المؤمنين تحذيرا من إتيان مثل فعل حاطب.
والعدوّ : ذو العداوة ، وهو فعول بمعنى فاعل من : عدا يعدو ، مثل عفوّ. وأصله مصدر على وزن فعول مثل قبول ونحوه من مصادر قليلة. ولكونه على زنة المصادر عومل معاملة المصدر فاستوى في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والمثنى والجمع. قال تعالى : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) [الشعراء : ٧٧] ، وتقدم عنه قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) في سورة النساء [٩٢].
والمعنى : لا تتخذوا أعدائي وأعداءكم أولياء. والمراد العداوة في الدين فإن المؤمنين لم يبدءوهم بالعداوة وإنما أبدى المشركون عداوة المؤمنين انتصارا لشركهم فعدّوا من خرجوا عن الشرك أعداء لهم. وقد كان مشركو العرب متفاوتين في مناواة المسلمين فإن خزاعة كانوا مشركين وكانوا موالين النبي صلىاللهعليهوسلم. فمعنى إضافة عدوّ إلى ياء التكلم على تقدير : عدوّ ديني ، أو رسولي.
والاتخاذ : افتعال من الأخذ صيغ الافتعال للمبالغة في الأخذ المجازي فأطلق على التلبس والملازمة. وقد تقدم في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) في سورة النساء [٧١]. ولذلك لزمه ذكر حال بعد مفعوله لتدل على تعيين جانب المعاملة من خير أو شر. فعومل هذا الفعل معاملة صيّر. واعتبرت الحال التي بعده بمنزلة المفعول الثاني للزوم ذكرها وهل المفعول الثاني من باب ظن وأخواته إلا حال في المعنى ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً) في سورة الأنعام [٧٤].
وجملة (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) في موضع الحال من ضمير (لا تَتَّخِذُوا) ، أو في موضع الصفة ل (أَوْلِياءَ) أو بيان لمعنى اتخاذهم أولياء.
ويجوز أن تكون جملة في موضع الحال من ضمير (لا تَتَّخِذُوا) لأن جعلها حالا يتوصل منه إلى التعجيب من إلقائهم إليهم بالمودة.
والإلقاء حقيقته رمي ما في اليد على الأرض. واستعير لإيقاع الشيء بدون تدبر في