والمراد بالخروج في قوله : (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ) الخروج من مكة مهاجرة إلى المدينة. فالخطاب خاص بالمهاجرين على طريقة تخصيص العموم في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) روعي في هذا التخصيص قرينة سبب نزول الآية على حادث حاطب بن أبي بلتعة.
و (جِهاداً) ، و (ابْتِغاءَ مَرْضاتِي) مصدران منصوبان على المفعول لأجله.
(تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ).
يجوز أن تكون الجملة بيانا لجملة (تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) ، أو بدل اشتمال منها فإن الإسرار إليهم بالمودة مما اشتمل عليه الإلقاء إليهم بالمودة. والخبر مستعمل في التوبيخ والتعجيب ، فالتوبيخ مستفاد من إيقاع الخبر عقب النهي المتقدم ، والتعجيب مستفاد من تعقيبه بجملة (وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) ، أي كيف تظنون أن إسراركم إليهم يخفى علينا ولا نطلع عليه رسولنا.
والإسرار : التحدث والإخبار سرا.
ومفعول (تُسِرُّونَ) يجوز أن يكون محذوفا يدل عليه السياق ، أي تخبرونهم أحوال المسلمين سرا.
وجيء بصيغة المضارع لتصوير حالة الإسرار إليه تفظيعا لها.
والباء في (بِالْمَوَدَّةِ) للسببية ، أي تخبرونهم سرا بسبب المودة أي بسبب طلب المودة لهم كما هو في قضية كتاب حاطب.
ويجوز أن يكون (بِالْمَوَدَّةِ) في محل المفعول لفعل (تُسِرُّونَ) والباء زائدة لتأكيد المفعولية كالباء في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المائدة : ٦].
وجملة (وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ) في موضع الحال من ضمير (تُسِرُّونَ) أو معترضة ، والواو اعتراضية.
وهذا مناط التعجيب من فعل المعرّض به وهو حاطب بن أبي بلتعة. وتقديم الإخفاء لأنه المناسب لقوله : (وَأَنَا أَعْلَمُ). ولموافقته للقصة.
و (أَعْلَمُ) اسم تفضيل والمفضل عليه معلوم من قوله : (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ) فالتقدير: أعلم منهم ومنكم بما أخفيتم وما أعلنتم.