والباء متعلقة باسم التفضيل وهي بمعنى المصاحبة.
(وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ).
عطف على جملة النهي في قوله تعالى : (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) ، عطف على النهي التوعد على عدم الانتهاء بأن من لم ينته عما نهي عنه هو ضالّ عن الهدى.
وضمير الغيبة في (يَفْعَلْهُ) عائد إلى الاتخاذ المفهوم من فعل (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي) أي ومن يفعل ذلك بعد هذا النهي والتحذير فهو قد ضلّ عن سواء السبيل.
و (سَواءَ السَّبِيلِ) مستعار لأعمال الصلاح والهدى لشبهها بالطريق المستوي الذي يبلغ من سلكه إلى بغيته ويقع من انحرف عنه في هلكة. والمراد به هنا ضلّ عن الإسلام وضلّ عن الرشد.
و (مِنَ) شرطية الفعل بعدها مستقبل وهو وعيد للذين يفعلون مثل ما فعل حاطب بعد أن بلغهم النهي والتحذير والتوبيخ والتفظيع لعمله.
(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢))
تفيد هذه الجملة معنى التعليل لمفاد قوله تعالى : (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) [الممتحنة : ١] باعتبار بعض ما أفادته الجملة ، وهو الضلال عن الرشد ، فإنه قد يخفى ويظنّ أن في تطلب مودّة العدوّ فائدة ، كما هو حال المنافقين المحكي في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء : ١٤١] ، فقد يظن أن موالاتهم من الدهاء والحزم رجاء نفعهم إن دالت لهم الدولة ، فبيّن الله لهم خطأ هذا الظنّ ، وأنهم إن استفادوا من مودتهم إياهم اطلاعا على قوتهم فتأهبوا لهم وظفروا بهم لم يكونوا ليرقبوا فيهم إلّا ولا ذمّة ، وأنهم لو أخذوهم وتمكنوا منهم لكانوا أعداء لهم لأن الذي أضمر العداوة زمنا يعسر أن ينقلب ودودا ، وذلك لشدة الحنق على ما لقوا من المسلمين من إبطال دين الشرك وتحقير أهله وأصنامهم.
وفعل (يَكُونُوا) مشعر بأن عداوتهم قديمة وأنها تستمر.
والبسط : مستعار للإكثار لما شاع من تشبيه الكثير بالواسع والطويل ، وتشبيه ضده