وقرأه ابن عامر (يَفْصِلُ) بضم التحتية وتشديد الصاد مفتوحة مبنيا للنائب من فصّل المشدّد.
وجملة (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) وعيد ووعد.
(قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤))
(قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ).
صدر هذه الآية يفيد تأكيدا لمضمون جملة (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) [الممتحنة : ٢] وجملة (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ) [الممتحنة : ٣] ، لأنها بما تضمنته من أن الموجه إليهم التوبيخ خالفوا الأسوة الحسنة تقوي إثبات الخطأ المستوجب للتوبيخ.
ذلك أنه بعد الفراغ من بيان خطأ من يوالي عدوّ الله بما يجرّ إلى أصحابه من مضارّ في الدنيا وفي الآخرة تحذيرا لهم من ذلك ، انتقل إلى تمثيل الحالة الصالحة بمثال من فعل أهل الإيمان الصادق والاستقامة القويمة وناهيك بها أسوة.
وافتتاح الكلام بكلمتي (قَدْ كانَتْ) لتأكيد الخبر ، فإن (قَدْ) مع فعل الكون يراد بهما التعريض بالإنكار على المخاطب ولومه في الإعراض عن العمل بما تضمنه الخبر كقول عمر لابن عباس يوم طعنه غلام المغيرة : «قد كنت أنت وأبوك تحبان أن يكثر هؤلاء الأعلاج بالمدينة» ، ومنه قوله تعالى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ) [ق : ٢٢] توبيخا على ما كان منهم في الدنيا من إنكار للبعث ، وقوله تعالى : (وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ) [القلم : ٤٣] وقوله : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) [الأحزاب : ٢١].
ويتعلق (لَكُمْ) بفعل «كان» ، أو هو ظرف مستقرّ وقع موقع الحال من (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).
وإبراهيم عليهالسلام مثل في اليقين بالله والغضب به ، عرف ذلك العرب واليهود