و (بُرَآؤُا) بهمزتين بوزن فعلاء جمع بريء مثل كريم وكرماء.
وبريء فعيل بمعنى فاعل من برىء من شيء إذا خلا منه سواء بعد ملابسته أو بدون ملابسة.
والمراد هنا التبرؤ من مخالطتهم وملابستهم .. وعطف عليه (وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي من الأصنام التي تعبدونها من دون الله والمراد برآء من عبادتها.
وجملة (كَفَرْنا بِكُمْ) وما عطف عليها بيان لمعنى جملة (إِنَّا بُرَآؤُا).
وضمير (بِكُمْ) عائد إلى مجموع المخاطبين من قومهم مع ما يعبدونه من دون الله ، ويفسّر الكفر بما يناسب المعطوف عليه والمعطوف ، أي كفرنا بجميعكم فكفرهم بالقوم غير كفرهم بما يعبده قومهم.
وعطف عليه (وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً) وبدا معناه : ظهر ونشأ ، أي أحدثنا معكم العداوة ظاهرة لا مواربة فيها ، أي ليست عداوة في القلب خاصة بل هي عداوة واضحة علانية بالقول والقلب. وهو أقصى ما يستطيعه أمثالهم من درجات تغيير المنكر وهو التغيير باللسان إذ ليسوا بمستطيعين تغيير ما عليه قومهم باليد لقلتهم وضعفهم بين قومهم.
و (الْعَداوَةُ) المعاملة بالسوء والاعتداء.
و (الْبَغْضاءُ) : نفرة النفس ، والكراهية وقد تطلق إحداهما في موضع الأخرى إذا افترقتا ، فذكرهما معا هنا مقصود به حصول الحالتين في أنفسهم : حالة المعاملة بالعدوان ، وحالة النفرة والكراهية ، أي نسيء معاملتكم ونضمر لكم الكراهية حتى تؤمنوا بالله وحده دون إشراك.
والمراد بقولهم هذا لقومهم أنهم قالوه مقال الصادق في قوله ، فالائتساء بهم في ذلك القول والعمل بما يترجم عليه القول مما في النفوس ، فالمؤتسى به أنهم كاشفوا قومهم بالمنافرة ، وصرحوا لهم بالبغضاء لأجل كفرهم بالله ولم يصانعوهم ويغضّوا عن كفرهم لاكتساب مودتهم كما فعل الموبخ بهذه الآية.
(إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ).