ابن العربي والقرطبي وأبو بكر الجصاص.
(وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١))
عطف على جملة (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) [الممتحنة : ١٠] فإنها لما ترتب على نزولها إباء المشركين من أن يردّوا إلى أزواج النساء اللاء بقين على الكفر بمكة واللاء فررن من المدينة والتحقن بأهل الكفر بمكة مهورهن التي كانوا أعطوها نساءهم ، عقبت بهذه الآية لتشريع ردّ تلك المهور من أموال المسلمين فيما بينهم.
روي أن المسلمين كتبوا إلى المشركين يعلمونهم بما تضمنته هذه الآية من الترادّ بين الفريقين في قوله تعالى : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) [الممتحنة : ١٠].
فامتنع المشركون من دفع مهور النساء اللاتي ذهبت إليهم فنزل قوله تعالى : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ) الآية.
وأصل الفوت : المفارقة والمباعدة ، والتفاوت : المتباعد. والفوت هنا مستعار لضياع الحق كقول رويشد بن كثير الطائي أو عمرو بن معد يكرب :
إن تذنبوا ثم تأتيني بقيتكم |
|
فما عليّ بذنب منكم فوت |
أي فلا ضياع عليّ بما أذنبتم ، أي فإنا كمن لم يضع له حق.
والمعنى : إن فرت بعض أزواجكم ولحقت بالكفار وحصل التعاقب بينكم وبين الكفار فعقّبتم على أزواج الكفار وعقّب الكفار على أزواجكم وأبى الكفار من دفع مهور بعض النساء اللاء ذهبن إليهم ، فادفعوا أنتم لمن حرمه الكفار مهر امرأته ، أي ما هو حقه ، واحجزوا ذلك عن الكفار. وهذا يقتضي أنه إن أعطي جميع المؤمنين مهور من فاتهم من نسائهم وبقي للمشركين فضل يرده المسلمون إلى الكفار. هذا تفسير الزهري في رواية يونس عنه وهو أظهر ما فسرت به الآية.
وعن ابن عباس والجمهور : الذين فاتهم أزواجهم إلى الكفار يعطون مهور نسائهم من مغانم المسلمين. وهذا يقتضي أن تكون الآية منسوخة بآية سورة براءة [٧](كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ).
والوجه أن لا يصار إلى الإعطاء من الغنائم إلا إذا لم يكن في ذمم المسلمين شيء