فالمظاهر ممنوع من الاستمتاع بزوجته المظاهر منها ، أي ممنوع من علائق الزوجية ، وذلك يقتضي تعطيل العصمة ما لم يكفر لأنه ألزم نفسه ذلك فإن استمتع بها قبل الكفارة كلها فليتب إلى الله وليستغفر وتتعين عليه الكفارة ولا تتعدد الكفارة بسبب الاستمتاع قبل التكفير لأنه سبب واحد فلا يضرّ تكرر مسببه ، وإنما جعلت الكفارة زجرا ولذلك لم يكن وطء المظاهر امرأته قبل الكفارة زنا. وقد روى أبو داود والترمذي حديث سلمة بن صخر البياضي أنه ظاهر من امرأته ثم وقع عليها قبل أن يكفر فأمره النبي صلىاللهعليهوسلم بكفارة واحدة ، وهو قول جمهور العلماء. وعن مجاهد وعبد الرحمن بن مهدي أن عليه كفارتين.
وتفاصيل أحكام الظهار في صيغته وغير ذلك مفصلة في كتب الفقه.
وقوله : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) تذييل لجملة (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) ، أي والله عليم بجميع ما تعملونه من هذا التكفير وغيره.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (٤))
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً).
رخصة لمن لم يجد عتق رقبة أن ينتقل إلى صيام شهرين متتابعين لأنه لما لم يجد رقبة يعتاض بفكّها عن فكّ عصمة الزوجة نقل إلى كفارة فيها مشقة النفس بالصبر على لذة الطعام والشراب ليدفع ما التزمه بالظهار من مشقة الصبر على ابتعاد حليلته فكان الصوم درجة ثانية قريبة من درجة تحرير الرقبة في المناسبة.
وأعيد قيد (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) للدلالة على أنه لا يكون المسّ إلا بعد انقضاء الصيام ، فلا يظن أن مجرد شروعه في الصيام كاف في العود إلى الاستمتاع.
(فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) ، أي لعجزه أو ضعفه رخص الله له أن ينتقل إلى إطعام ستين مسكينا عوضا عن الصيام فالإطعام درجة ثالثة يدفع عن ستين مسكينا ألم الجوع عوضا عما كان التزمه على نفسه من مشقة الابتعاد عن لذّاته ، وإنما حددت بستين مسكينا إلحاقا لهذا بكفارة فطر يوم من رمضان عمدا بجامع أن كليهما كفارة عن صيام فكانت الكفارة متناسبة مع المكفر عنه مرتبة ترتيبا مناسبا.