إلى اسم الجلالة هنا إضافة معنوية مفيدة تعريفا فصارت جملة (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ) هنا مشتملة على صيغة قصر على خلاف نظيرتها التي في سورة آل عمران.
ففي حكاية جواب الحواريين هنا خصوصية صيغة القصر بتعريف المسند إليه والمسند. وخصوصية التعريف بالإضافة. فكان إيجازا في حكاية جوابهم بأنهم أجابوا بالانتداب إلى نصر الرسول وبجعل أنفسهم محقوقين بهذا النصر لأنهم محضوا أنفسهم لنصر الدين وعرفوا بذلك وبحصر نصر الدين فيهم حصرا يفيد المبالغة في تمحضهم له حتى كأنه لا ناصر للدين غيرهم مع قلتهم وإفادته التعريض بكفر بقيّة قومهم من بني إسرائيل.
وفرع على قول الحواريين (نَحْنُ أَنْصارُ) الإخبار بأن بني إسرائيل افترقوا طائفتين طائفة آمنت بعيسى وما جاء به ، وطائفة كفرت بذلك وهذا التفريع يقتضي كلاما مقدرا وهو فنصروا الله بالدعوة والمصابرة عليها فاستجاب بعض بني إسرائيل وكفر بعض وإنما استجاب لهم من بني إسرائيل عدد قليل فقد جاء في إنجيل (لوقا) أن أتباع عيسى كانوا أكثر من سبعين.
والمقصود من قوله : (فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ) التوطئة لقوله : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) والتأييد النصر والتقوية ، أيد الله أهل النصرانية بكثير ممن اتبع النصرانية بدعوة الحواريين وأتباعهم مثل بولس.
وإنما قال : (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) ولم يقل : فأيدناهم لأن التأييد كان لمجموع المؤمنين بعيسى لا لكل فرد منهم إذ قد قتل من أتباعه خلق كثير ومثّل بهم وألقوا إلى السباع في المشاهد العامة تفترسهم ، وكان ممن قتل من الحواريين الحواري الأكبر الذي سماه عيسى بطرس ، أي الصخرة في ثباته في الله.
ويزعمون أن جثته في الكنيسة العظمى في رومة المعروفة بكنيسة القدّيس بطرس والحكم على المجموع في مثل هذا شائع كما تقول : نصر الله المسلمين يوم بدر مع أن منهم من قتل. والمقصود نصر الدين.
والمقصود من هذا الخبر وعد المسلمين الذين أمروا أن يكونوا أنصارا لله بأن الله مؤيدهم على عدوّهم.
والعدوّ يطلق على الواحد والجمع ، قال تعالى : (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) [الكهف : ٥٠] وتقدم