الناصح كما سيأتي في تفسير حكايتها.
وعلى الأصح فهي قد نزلت قبل سورة الأحزاب ، وعلى القول بأنها نزلت في غزوة تبوك تكون نزلت مع سورة براءة أو قبلها بقليل وهو بعيد.
أغراضها
فضح أحوال المنافقين بعدّ كثير من دخائلهم وتولد بعضها عن بعض من كذب ، وخيس بعهد الله ، واضطراب في العقيدة ، ومن سفالة نفوس في أجسام تغر وتعجب ، ومن تصميم على الإعراض عن طلب الحق والهدى ، وعلى صد الناس عنه ، وكان كل قسم من آيات السورة المفتتح ب (إِذا) خصّ بغرض من هذه الأغراض. وقد علمت أن ذلك جرّت إليه الإشارة إلى تكذيب عبد الله بن أبيّ ابن سلول فيما حلف عليه من التنصل مما قاله.
وختمت بموعظة المؤمنين وحثهم على الإنفاق والادخار للآخرة قبل حلول الأجل.
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١))
لما كان نزول هذه السورة عقب خصومة المهاجري والأنصاري ومقالة عبد الله بن أبيّ في شأن المهاجرين. تعيّن أن الغرض من هذه الآية التعريض بكذب عبد الله بن أبيّ وبنفاقه فصيغ الكلام بصيغة تعمّ المنافقين لتجنب التصريح بالمقصود على طريقة قول النبي صلىاللهعليهوسلم «ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله» ومراده مولى بريرة لما أراد أن يبيعها لعائشة أمّ المؤمنين واشترط أن يكون الولاء له ، وابتدئ بتكذيب من أريد تكذيبه في ادعائه الإيمان بصدق الرسول صلىاللهعليهوسلم وإن لم يكن ذلك هو المقصود إشعارا بأن الله أطلع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على دخائلهم ، وهو تمهيد لما بعده من قوله : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعلم أن المنافقين قالوا : نشهد إنك لرسول الله.
فيجوز أن يكون قولهم : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) محكيا بالمعنى لأنهم يقولون عبارات كثيرة تفيد معنى أنهم يشهدون بأنه رسول الله مثل نطقهم بكلمة الشهادة.
ويجوز أن يكونوا تواطئوا على هذه الكلمة كلما أعلن أحدهم الإسلام. وهذا أليق بحكاية كلامهم بكلمة (قالُوا) دون نحو : زعموا.
و (إِذا) ظرف للزمان الماضي بقرينة جعل جملتيها ماضيتين ، والظرف متعلق بفعل