(هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ).
يجوز أن تكون استئنافا بيانيا ناشئا عن جملة (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) لأن تلك الجملة لغرابة معناها تثير سؤالا عن سبب هلعهم وتخوفهم من كلّ ما يتخيّل منه بأس المسلمين فيجاب بأن ذلك لأنهم أعداء ألدّاء للمسلمين ينظرون للمسلمين بمرآة نفوسهم فكما هم يتربصون بالمسلمين الدوائر ويتمنون الوقيعة بهم في حين يظهرون لهم المودة كذلك يظنون بالمسلمين التربص بهم وإضمار البطش بهم على نحو ما قال أبو الطيب :
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه |
|
وصدّق ما يعتاده من توهم |
ويجوز أن تكون الجملة بمنزلة العلة لجملة (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) على هذا المعنى أيضا.
ويجوز أن تكون استئنافا ابتدائيا لذكر حالة من أحوالهم تهم المسلمين معرفتها ليترتب عليها تفريع (فَاحْذَرْهُمْ) وعلى كل التقادير فنظم الكلام واف بالغرض من فضح دخائلهم.
والتعريف في (الْعَدُوُّ) تعريف الجنس الدال على معيّن كمال حقيقة العدوّ فيهم ، لأن أعدى الأعادي العدوّ المتظاهر بالموالاة وهو مداح وتحت ضلوعه الداء الدوي. وعلى هذا المعنى رتب عليه الأمر بالحذر منهم.
و (الْعَدُوُّ) : اسم يقع على الواحد والجمع. والمراد : الحذر من الاغترار بظواهرهم الخلابة لئلا يخلص المسلمون إليهم بسرهم ولا يتقبلوا نصائحهم خشية المكائد.
والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ليبلغه المسلمين فيحذروهم.
(قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
تذييل فإنه جمع على الإجمال ما يغني عن تعداد مذامّهم (كقوله (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) [النساء : ٦٣] ، مسوق للتعجيب من حال توغلهم في الضلالة والجهالة بعدولهم عن الحق.
فافتتح التعجيب منهم بجملة أصلها دعاء بالإهلاك والاستئصال ولكنها غلب استعمالها في التعجب أو التعجيب من سوء الحال الذي جرّه صاحبه لنفسه فإن كثيرا من