حوله» وهذا كلام مكر لأن ظاهره قصد الرفق برسول الله صلىاللهعليهوسلم من كلفة إنفاق الأعراب الذين ألمّوا به في غزوة بني المصطلق ، وباطنه إرادة إبعاد الأعراب عن تلقي الهدي النبوي وعن أن يتقوى بهم المسلمون أو تفرق فقراء المهاجرين لتضعف بتفرقهم بعض قوة المسلمين. وروايات حديث زيد مختلطة.
وقوله : (رَسُولِ اللهِ) يظهر أنه صدر من عبد الله بن أبيّ ومن معه من المنافقين بهذا اللفظ إذا كانوا قالوا ذلك جهرا في ملإ المسلمين إذ هم يتظاهرون ساعتئذ بالإسلام.
و (حَتَّى) مستعملة في التعليل بطريقة المجاز المرسل لأن معنى (حَتَّى) انتهاء الفعل المذكور قبلها وغاية الفعل ينتهي الفاعل عن الفعل إذا بلغها ، فهي سبب للانتهاء وعلّة له ، وليس المراد فإذا نفضوا فأنفقوا عليهم.
والانفضاض : التفرق والابتعاد.
(وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ).
عطف على جملة (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) إبطال لمكر المنافقين فيما قصدوه من قولهم المتظاهرين بأنهم قصدوا به نصح المسلمين ، أي لو تمشت حيلتهم على المسلمين فأمسكوا هم وبعض المسلمين عن إنفاق الأعراب ومن يأوون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من العفاة ، فإن الرسول صلىاللهعليهوسلم لا يقطع عنهم الإنفاق وذلك دأبه كما دل عليه حديث عمر بن الخطاب «أن رجلا جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسأله أن يعطيه فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ما عندي شيء ولكن ابتع عليّ فإذا جاءني شيء قضيته. فقال عمر : يا رسول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه ، فكره النبي صلىاللهعليهوسلم قول عمر. فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا. فتبسّم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعرف في وجهه البشر لقول الأنصاري ثم قال : بهذا أمرت». رواه الترمذي في كتاب «الشمائل».
وهذا جواب من باب طريقة النقض لكلامهم في مصطلح آداب البحث.
و (خَزائِنُ) جمع خزانة بكسر الخاء. وهي البيت الذي تخزن فيه الطعام قال تعالى : (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) تقدم في سورة يوسف [٥٥]. وتطلق على الصندوق الكبير الذي يخزن فيه المال على سبيل التوسع وعلى بيوت الكتب وصناديقها ، ومن هذا