ما جاء في حديث الصرف من «الموطأ» «حتى يحضر خازني من الغابة».
و (خَزائِنُ السَّماواتِ) مقارّ أسباب حصول الأرزاق من غيوث رسمية وأشعة الشمس والرياح الصالحة فيأتي ذلك بتوفير الثمار والحبوب وخصب المرعى وتزايد النتاج. وأما خزائن الأرض فما فيها من أهرية ومطامير وأندر ، ومن كنوز الأحوال وما يفتح الله لرسولهصلىاللهعليهوسلم من البلاد وما يفيء عليه من أهل القرى.
واللام في (لِلَّهِ) الملك أي التصرف في ذلك ملك لله تعالى. ولما كان الإنفاق على فقراء المسلمين مما يعين على ظهور الدين الذي أرسل الله به رسوله صلىاللهعليهوسلم كان الإخبار بأن الخزائن لله كناية عن تيسير الله تعالى لرسوله صلىاللهعليهوسلم حصول ما ينفق منه كما دل عليه قولهصلىاللهعليهوسلم لما قال له الأنصاري «ولا تخش من ذي العرش إقلالا» «بهذا أمرت». وذلك بما سيره الله لرسوله صلىاللهعليهوسلم من زكوات المسلمين وغنائم الغزوات ، وما فتح الله عليه من البلاد بخيراتها ، وما أفاء الله عليه بغير قتال.
وتقديم المجرور من قوله : (وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لإفادة قصر القلب وهو قلب للازم قولهم لا لصريحه لأن المنافقين لما قالوا : (لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) حسبوا أنهم إذا قطعوا الإنفاق على من عند رسول الله لا يجد الرسول صلىاللهعليهوسلم ما ينفق منه عليهم فأعلم الله رسوله مباشرة وأعلمهم تبعا بأن ما عند الله من الرزق أعظم وأوسع.
واستدراك قوله : (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) لرفع ما يتوهم من أنهم حين قالوا : (لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) كانوا قالوه عن بصيرة ويقين بأن انقطاع إنفاقهم على الذين يلوذون برسول الله صلىاللهعليهوسلم يقطع رزقهم فينفضون عنه بناء على أن القدرة على الإنفاق منحصرة فيهم لأنهم أهل الأحوال وقد غفلوا عن تعدد أسباب الغنى وأسباب الفقر.
والمعنى : أنهم لا يدركون دقائق المدركات وخفاياها.
ومفعول (يَفْقَهُونَ) محذوف ، أي لا يفقهون ذلك وهو مضمون (لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، أو نزل الفعل منزلة اللازم مبالغة في انتفاء فقه الأشياء عنهم في كل حال.
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨))