الاستعمال القرآني لقصد الإيجاز وتوفير المعاني.
ووجّه أبو علي الفارسي والزجاج قراءة الجمهور بجعل (وَأَكُنْ) معطوفا على محل (فَأَصَّدَّقَ). وقرأه أبو عمرو وحده من بين العشرة وأكون بالنصب والقراءة رواية متواترة وإن كانت مخالفة لرسم المصاحف المتواترة. وقيل : إنها يوافقها رسم مصحف أبيّ بن كعب ومصحف ابن مسعود.
وقرأ بذلك الحسن والأعمش وابن محيض من القراءات غير المشهورة ، ورويت عن مالك بن دينار وابن جبير وأبي رجاء. وتلك أقل شهرة.
واعتذر أبو عمرو عن مخالفة قراءته للمصحف بأن الواو حذفت في الخط اختصارا يريد أنهم حذفوا صورة إشباع الضمة وهو الواو اعتمادا على نطق القارئ كما تحذف الألف اختصارا بكثرة في المصاحف. وقال القراء العرب : قد تسقط الواو في بعض الهجاء كما أسقطوا الألف من سليمان وأشباهه ، أي كما أسقطوا الواو الثانية من داود وبكثرة يكتبونه داود. قال الفراء : ورأيت في مصاحف عبد الله «فقولا» نقلا بغير واو ، وكل هذا لا حاجة إليه لأن القرآن ملتقىّ بالتواتر لا بهجاء المصاحف وإنما المصاحف معينة على حفظه.
(وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١١))
(وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها).
اعتراض في آخر الكلام فالواو اعتراضية تذكيرا للمؤمنين بالأجل لكل روح عند حلولها في جسدها حين يؤمر الملك الذي ينفخ الروح يكتب أجله وعمله ورزقه وشقي أو سعيد. فالأجل هو المدة المعينة لحياته لا يؤخر عن أمده فإذا حضر الموت كان دعاء المؤمن الله بتأخير أجله من الدعاء الذي استجاب لأن الله قدر الآجال.
وهذا سر عظيم لا يعلم حكمة تحديده إلا الله تعالى.
والنفس : الروح ، سميت نفسا أخذا من النفس بفتح الفاء وهو الهواء الذي يخرج من الأنف والفم من كل حيوان ذي رئة ، فسميت النفس نفسا لأن النفس يتولد منها ، كما سمي مرادف النفس روحا لأنه مأخوذ الروح بفتح الراء لأن الرّوح به. قاله أبو بكر بن الأنباري.