فالبصير : أريد به العالم علم انكشاف لا يقبل الخفاء فهو كعلم المشاهدة وهذا إطلاق شائع في القرآن لا سيما إذا أفردت صفة (بَصِيرٌ) بالذكر ولم تذكر معها صفة «سميع».
واصطلح بعض المتكلمين على أن صفة البصيرة : العالم بالمرئيات. وقال بعضهم : هي تعلق العلم الإلهي بالأمور عند وقوعها. والحق أنها استعمالات مختلفة. وبهذا يتضح وجه الجمع بين ما يبدو من تعارض بين آيات القرآن وإخبار من السنة فاجعلوه مثالا يحتدى ، وقولوا هكذا. هكذا.
وهو احتراس من أن يتوهم من تقسيمهم إلى فريقين أن ذلك رضى بالحالين كما حكي عن المشركين (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) [الزخرف : ٢٠].
وهو استطراد بطريق الكناية به عن الوعد والوعيد.
وشمل قوله : (بِما تَعْمَلُونَ) أعمال القلوب كالإيمان وهي المقصود ابتداء هنا.
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣))
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
استئناف بياني ناشئ عن قوله : (فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) [التغابن : ٢] يبيّن أن انقسامهم إلى قسمي الكافرين والمؤمنين نشأ عن حياد فريق من الناس عن الحق الذي أقيم عليه خلق السماوات والأرض لأن الحق أن يؤمن الناس بوجود خالقهم ، وبأنه واحد وأن يفردوه بالعبادة فذلك الذي أراده الله من خلقهم ، قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦]. وقال : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) [الروم : ٣٠] فمن حاد عن الإيمان ومال إلى الكفر فقد حاد عن الحق والفطرة.
(بِالْحَقِ).
وقوله : (بِالْحَقِ) معترض بين جملة (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وجملة (وَصَوَّرَكُمْ).
وفي قوله : (بِالْحَقِ) إيماء إلى إثبات البعث والجزاء لأن قوله بالحق متعلق بفعل (خَلَقَ) تعلّق الملابسة المفاد بالباء ، أي خلقا ملابسا للحق ، والحق ضد الباطل ، ألا