أكوان وأحوال دل عليها قوله تعالى : (ما يَكُونُ) والجمل التي بعد حرف الاستثناء في مواضع أحوال. والتقدير : ما يكون من نجوى ثلاثة في حال من علم غيرهم بهم واطلاعه عليهم إلا حالة الله مطلع عليهم.
وتكرير حرف النفي في المعطوفات على المنفي أسلوب عربي وخاصة حيث كان مع كل من المعاطيف استثناء.
وقرأ الجمهور (وَلا أَكْثَرَ) بنصب (أَكْثَرَ) عطفا على لفظ (نَجْوى). وقرأه يعقوب بالرفع عطفا على محل (نَجْوى) لأنه مجرور بحرف جر زائد.
و (أَيْنَ ما) مركب من (أين) التي هي ظرف مكان و (ما) الزائدة. وأضيف (أين) إلى جملة (كانُوا) ، أي في أي مكان كانوا فيه ، ونظيره قوله : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) في سورة الحديد [٤].
و (ثُمَ) للتراخي الرتبي لأن إنباءهم بما تكلموا وما عملوه في الدنيا في يوم القيامة أدل على سعة علم الله من علمه بحديثهم في الدنيا لأن معظم علم العالمين يعتريه النسيان في مثل ذلك الزمان من الطول وكثرة تدبير الأمور في الدنيا والآخرة.
وفي هذا وعيد لهم بأن نجواهم إثم عظيم فنهي عنه ويشمل هذا تحذير من يشاركهم.
وجملة (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) تذييل لجملة (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) فأغنت (أَنَ) غناء فاء السبية كقول بشار :
إن ذاك النجاح في التبكير
وتأكيد الجملة ب (أَنَ) للاهتمام به وإلا فإن المخاطب لا يتردد في ذلك. وهذا التعريض بالوعيد يدلّ على أن النهي عن التناجي كان سابقا على نزول هذه الآية والآيات بعدها.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨))
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ