تحقق الإيمان كما في حديث معاذ «أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما بعثه إلى اليمن قال له : إنك ستأتي قوما أهل كتاب فأول ما تدعوهم إليه فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة» الحديث.
وتفريع (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) تحذير من عصيان الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
والتولي مستعار للعصيان وعدم قبول دعوة الرسول.
وحقيقة التولّي الانصراف عن المكان المستقر فيه واستعير التولي للعصيان تشنيعا له مبالغة في التحذير منه ، ومثله قوله تعالى في خطاب المؤمنين (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) [محمد : ٣٨] ، وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) [الأنفال : ٢٠].
والتعريف في قوله : (رَسُولِنَا) بالإضافة لقصد تعظيم شأنه بأنهصلىاللهعليهوسلم رسول ربّ العالمين. وهذا الضمير التفات من الغيبة إلى التكلم يفيد تشريف الرسول بعزّ الإضافة إلى المتكلم.
ومعنى الحصر قوله : (فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) قصر الرسول صلىاللهعليهوسلم على كون واجبه البلاغ ، قصر موصوف على صفة فالرسول صلىاللهعليهوسلم مقصور على لزوم البلاغ له لا يعدو ذلك إلى لزوم شيء آخر. وهو قصر قلب تنزيلا لهم في حالة العصيان المفروض منزلة من يعتقد أن الله لو شاء لألجأهم إلى العمل بما أمرهم به إلهابا لنفوسهم بالحث على الطاعة.
ووصف البلاغ ب (الْمُبِينُ) ، أي الواضح عذر للرسول صلىاللهعليهوسلم بأنه ادعى ما أمر به على الوجه الأكمل قطعا للمعذر عن عدم امتثال ما أمر به.
وباعتبار مفهوم القصر جملة (فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) كانت جوابا للشرط دون حاجة إلى تقدير جواب تكون هذه الجملة دليلا عليه أو علة له.
(اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣))
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
جملة معترضة بين جملة (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) [التغابن : ١٢] وجملة : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).