والغفر : ستر الذنب وعدم إشاعته.
والجمع بينها هنا إيماء إلى تراتب آثار هذه العداوة وما تقتضيه آثارها من هذه المعاملات الثلاث. وحذف متعلق الأفعال الثلاثة لظهور أن المراد من أولادكم وأزواجكم فيما يصدر منهم مما يؤذيكم ، ويجوز أن يكون حذف المتعلق لإرادة عموم الترغيب في العفو.
وإنما يعفو المرء ويصفح ويغفر عن المذنب إذا كان ذنبه متعلقا بحق ذلك المرء وبهذه الأفعال المذكورة هنا مطلقة وفي أدلة الشريعة تقييدات لها.
وجملة (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) دليل جواب الشرط المحذوف المؤذن بالترغيب في العفو والصفح والغفر فالتقدير وأن تعفوا وتصفحوا وتغفروا يحب الله ذلك منكم لأن الله غفور رحيم ، أي للذين يغفرون ويرحمون ، وجمع وصف رحيم الخصال الثلاث.
(إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥))
تذييل لأن فيه تعميم أحوال الأولاد بعد أن ذكر حال خاص ببعضهم.
وأدمج فيه الأموال لأنها لم يشملها طلب الحذر ولا وصف العداوة. وقدم ذكر الأموال على الأولاد لأن الأموال لم يتقدم ذكرها بخلاف الأولاد.
ووجه إدماج الأموال هنا أن المسلمين كانوا قد أصيبوا في أموالهم من المشركين فغلبوهم على أموالهم ولم تذكر الأموال في الآية السابقة لأن الغرض هو التحذير من أشد الأشياء اتصالا بهم وهي أزواجهم وأولادهم. ولأن فتنة هؤلاء مضاعفة لأن الداعي إليها يكون من أنفسهم ومن مساعي الآخرين وتسويلهم. وجرد عن ذكر الأزواج هنا اكتفاء لدلالة فتنة الأولاد عليهن بدلالة فحوى الخطاب ، فإن فتنتهن أشد من فتنة الأولاد لأن جرأتهن على التسويل لأزواجهن ما يحاولنه منهم أشد من جرأة الأولاد.
والقصر المستفاد من (إِنَّما) قصر موصوف على صفة ، أي ليست أموالكم وأولادكم إلا فتنة. وهو قصر ادعائي للمبالغة في كثرة ملازمة هذه الصفة للموصوف إذ يندر أن تخلو أفراد هذين النوعين ، وهما أموال المسلمين وأولادهم عن الاتصاف بالفتنة لمن يتلبس بهما.
والإخبار ب (فِتْنَةٌ) للمبالغة. والمراد : أنهم سبب فتنة سواء سعوا في فعل الفتن أم