وهذا الخبر مستعمل كناية أيضا عن أمر الأب باستئجار ظئر للطفل بقرينة تعليق (لَهُ) بقوله : (فَسَتُرْضِعُ).
فاجتمع فيه ثلاث كنايات : كناية عن موعظة الأب ، وكناية عن موعظة الأم ، وكناية عن أمر الأب بالاسترضاع لولده.
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧))
تذييل لما سبق من أحكام الإنفاق على المعتدات والمرضعات بما يعمّ ذلك. ويعم كل إنفاق يطالب به المسلم من مفروض ومندوب ، أي الإنفاق على قدر السعة.
والسّعة : هي الجدة من المال أو الرزق.
والإنفاق : كفاية مئونة الحياة من طعام ولباس وغير ذلك مما يحتاج إليه.
و (مِنْ) هنا ابتدائية لأن الإنفاق يصدر عن السعة في الاعتبار ، وليست (مِنْ) هذه ك (من) التي في قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) [الأنفال : ٣] لأن النفقة هنا ليست بعضا من السعة ، وهي هناك بعض الرزق فلذلك تكون (من) من قوله : (فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) تبعيضية.
ومعنى (قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) جعل رزقه مقدورا ، أي محدودا بقدر معين وذلك كناية عن التضييق. وضده (يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) [غافر : ٤٠] ، يقال : قدر عليه رزقه ، إذا قتّره ، قال تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) وتقدم في سورة الرعد [٢٦] أي من كان في ضيق من المال فلينفق بما يسمح به رزقه بالنظر إلى الوفاء بالإنفاق ومراتبه في التقديم. وهذا مجمل هنا تفصيله في أدلة أخرى من الكتاب والسنة والاستنباط ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم لهند بنت عتبة زوج أبي سفيان : «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف».
والمعروف : هو ما تعارفه الناس في معتاد تصرفاتهم ما لم تبطله الشريعة.
والرزق : اسم لما ينتفع به الإنسان في حاجاته من طعام ولباس ومتاع ومنزل. سواء كان أعيانا أو أثمانا. ويطلق الرزق كثيرا على الطعام كما في قوله تعالى : (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) [آل عمران : ٣٧].
ولم يختلف العلماء في أن النفقات لا تتحدد بمقادير معينة لاختلاف أحوال الناس