والموصول صفة لاسم الجلالة وقد ذكرت هذه الصلة لما فيها من الدلالة على عظيم قدرته تعالى ، وعلى أن الناس وهم من جملة ما في الأرض عبيده ، فعليهم أن يتقوه ، ولا يتعدوا حدوده ، ويحاسبوا أنفسهم على مدى طاعتهم إياه فإنه لا تخفى عليه خافية ، وأنه قدير على إيصال الخير إليهم إن أطاعوه وعقابهم إن عصوه.
وفيه تنويه بالقرآن لأنه من جملة الأمر الذي يتنزل بين السماء والأرض.
والسبع السماوات تقدم القول فيها غير مرة ، وهي سبع منفصل بعضها عن الآخر لقوله تعالى في سورة نوح [١٥] : (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً).
وقوله : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) عطف على (سَبْعَ سَماواتٍ) وهو يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون المعطوف قوله : (مِنَ الْأَرْضِ) على أن يكون المعطوف لفظ الأرض ويكون حرف (مِنَ) مزيدا للتوكيد بناء على قول الكوفيين والأخفش أنه لا يشترط لزيادة (مِنَ) أن تقع في سياق النفي والنهي والاستفهام والشرط وهو الأحق بالقبول وإن لم يكن كثيرا في الكلام ، وعدم الكثرة لا ينافي الفصاحة ، والتقدير : وخلق الأرض ، ويكون قوله : (مِثْلَهُنَ) حالا من (الْأَرْضِ).
ومماثلة الأرض للسماوات في دلالة خلقها على عظيم قدرة الله تعالى ، أي أن خلق الأرض ليس أضعف دلالة على القدرة من خلق السماوات لأن لكل منهما خصائص دالة على عظيم القدرة.
وهذا أظهر ما تؤوّل به الآية.
وفي إفراد لفظ (الْأَرْضِ) دون أن يؤتى به جمعا كما أتي بلفظ السماوات إيذان بالاختلاف بين حاليهما.
والوجه الثاني : أن يكون المعطوف (مِثْلَهُنَ) ويكون قوله : (وَمِنَ الْأَرْضِ) بيانا للمثل فمصدق (مِثْلَهُنَ) هو (الْأَرْضِ). وتكون (مِنَ) بيانية وفيه تقديم البيان على المبيّن ، وهو وارد غير نادر.
فيجوز أن تكون مماثلة في الكروية ، أي مثل واحدة من السماوات ، أي مثل كوكب من الكواكب السبعة في كونها تسير حول الشمس مثل الكواكب فيكون ما في الآية من الإعجاز العلمي الذي قدمنا ذكره في المقدمة العاشرة.